الشعراءُ يذهبونُ أو يرحلون..
كما يرحلُ الثوارُ دون رحيلٍ..
يرحلون دونَ مراسم الوداع..
يحملون معهم السِر..
دونَ أن يفشوا لنا سراً..
كانوا قد غرسوهُ..
في ثنايا الطريق..
في مسارِ البحثِ..
عن الهويةِ أو الذات..
غرسوهُ في تفاصيل القصيدةِ..
التي بدأت حِياكتها..
لكنها لم تنتهي بعد..
كتبوا فيها وصاياهُم..
كتبوا فيها خلاصاتِ الحياة..
ارتقوا إلى العلا ومعهم السر..
إلى حيثُ المُبتغى..
لم يراودُهم الشَك يوماً..
كانوا مِثلَ قناديلِ البِشارة..
قد ساروا على دربِ الأشواك..
نثروا عِطرهم على الطُرقات..
كما تنثرُ الريحُ حباتِ المطر..
فوقَ أوراقِ الشَجر..
اختاروا دروباً صعبة..
تغطيها الآلام..
والآمال والأحلام..
لم يراودهم بها اليأس..
ولا الشك ولم يترددوا..
فقد قطعوا فيها اليأسَ والشك باليقين..
كانوا أقوى من الحواجز والجدران..
ومن كلِ قوى الطغيان..
هكذا هم الثوار..
يحولون أحلامَ الشعراءِ..
إلى حقيقة..
كما الشعراء..
يرسمون الحلم للثوارِ بألوان القصيدة..
نعم يرحلون وما يرحلون..
لأن سرَّ القصيدة قد غرسوه..
قد أفشوهُ..
بين غاباتِ الشَجر..
كما غاباتِ البشر..
هم يرتقون إلى العلياء بفرح..
يزفون لنا موعداً آخر للقاء..
مع الانتصار..