يا غائباً في الثرى تَبلى محاسِنه
الله يُوليكَ غُفراناً وإحسانا
الإنسان طيب الذكر إذا توارى عن الوجود جسماً فإن ذكره يظل طرياً باقياً في قلوب أسرته ومحبيه..، وهذا كحال زميلنا الأستاذ علي بن عبدالرحمن الحمدان رحمه الله.
فَأَحي ذِكرَك بِالإِحسانِ تُزرعُهُ
يَجمع بِه لكَ في الدُنيا حَياتانِ
والذي تلقيت بحزن عميق خبر وفاته، وذلك عن طريق ابنه الأستاذ محمد عبر اتصال هاتفي معزياً لي في وفاته -رحمه الله- حيث فاضت روحه الطاهرة يوم السبت 3-11-1445هـ، وتمت الصلاة عليه بعد صلاة عصر يوم الأحد 4-11-1445هـ، بجامع «المهيني» شمال الرياض، ثم حُمل جثمانه الطاهر إلى مهوى رأسه «بلدة البير» حيث ووُرِيَ الثرى هناك في أجواء حزن على فراقه رحمه الله.
ولقد كانت ولادته في بلدة البير في عام 1355هـ، وعاش طفولته في أحضان والديه ومع إخوته، ودرس الابتدائية في مدرسة تمير، وتتلمذ على يد والده الشيخ عبدالرحمن بن علي الحمدان -رحمه الله- في بلدة تمير، حيث كان والده معلماً بالمدرسة وإماماً وخطيباً لجامع تمير منذ عام 1361هـ وحتى وفاته عام 1376هـ -رحمه الله-، وقد واصل الفقيد تعليمه في الرياض، ثم التحق بدار التوحيد بالطائف في بداية السبعينيات الهجرية، وعاد إلى الرياض وعمل في تعليم منطقة الرياض عام 1374هـ، ثم انتقل مديراً لمدرسة البير إلى أن تقاعد عام 1415هـ، حميدة أيامه ولياليه، حيث أمضى قرابة الأربعة عقود قضاها في سلك التعليم، وكُلّف خلال هذه الفترة بالعديد من الأعمال واللجان، وترأس الكثير من لجان الامتحانات على مستوى منطقة الرياض، وكان -رحمه الله- حريصاً على المطالبة بفتح العديد من الخدمات في «بلدة البير» من طرق وهاتف ومياه وغيرها من الخدمات، وكان حريصاً على إصلاح ذات البين وصلة الرحم وجمع الأسرة -رحمه الله- والعطف على المساكين والأيتام والأرامل.
وقد كان والده الشيخ عبدالرحمن يزور والدنا الشيخ عبدالرحمن العالم الجليل في حريملاء -رحمهم الله جميعاً- وتوطَّدت العلاقة بيننا وبين الأستاذ علي امتداداً لعلاقه والدينا:
نُبادله الصداقة ما حيينا
وإنْ مِتْنا سنُوَرِّثها البَنِينا
فقد كُنا نتبادل الزيارات بين الفترة والأخرى حتى في الفترة الأخيرة كان -رحمه الله- يحرص على مواصلة الزيارة رغم ما يعانيه من بعض المتاعب، وكذلك الاطمئنان والسلام متواصلاً فيما بيننا بالهاتف، وكُنا نزوره في مزرعته في بلدة البير ويُهدي علينا من أجود أنواع الرطب، متذكرين الأيام السابقة قبل عقود من الزمن حينما كُنا نجتمع في منطقة الخرج زمن رئاستنا بعض لجان الاختبارات -آنذاك- وما يتخللها من ذكريات جميلة.
وكان - أبو محمد - هادئ الطبع كريماً وبشوشاً محباً للقراءة واقتناء الكتب النافعة المفيدة. ولقد سبقه قبل عدة أيام أخوه الشيخ عبدالعزيز - إلى الدار الآخرة رحمه الله، ولسان حاله يقول:
تتابع أخوتي ومضَوا لأمرٍ
عليه تتابع القوم الخيارُ
تغمد الله - أبا محمد - بواسع رحمته، وألهم أبناءه وبناته وأسرة آل حمدان ومحبيه الصبر والسلوان.
تولّى وأبقى بيننا طيب ذكره
كباقي ضياء الشّمس حين تغيبُ
** **
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء