بر الوالدين يعتبر عبادة من العبادات الإسلامية، وإحدى الروابط والضرورات الاجتماعية، بحسب توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وقد وضعها الله سبحانه تعالى في مكانة كبيرة، فجعل برّ الوالدين بعد عبادته، كقوله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، والنبي - صلى الله عليه وسلم- لم يرخص لرجل في الغزو والجهاد في سبيل الله، إلا بعد أن يأذن له والداه، ولذلك لما جاءه رجل يود الجهاد قال له: «أحي والداك؟» قال نعم، قال: «ففيهما فجاهد».
إن الدوائر التي تكون في العلاقات بين النّاس متعددة، لكن لا يمكنك أن تجد محبة حقيقية مثلما تكون عند الأبوين اتجاه أبنائهم، لأن الرابطة الروحية لا يمكن أن تنقطع بأي حال من الأحوال، وإنه يتوجب على الأبناء أن يقدموا لوالديهم البر، بالإحسان والصلة والمحبة والكلام اللين، وعدم رفع الصوت في وجودهما، واحترامهما وتختار لهما أطيب الكلام وتناديهما بأحب الألفاظ لهما وتعلمهما ما ينفعهما في دينهما ودنياهما، وتعاشرهما بالمعروف، وتقدمهما على نفسك في كل الأمور حتى تنال رضاهما عليك.
ولكن مع سرعة وتيرة التنمية والتقدم ومواكبة مقومات العصر، أصبح من الظاهر أن بعض الوالدين بدأوا يفقدون الروابط والقيم الأسرية، وقد أوشكت مسألة تخلي الأبناء والبنات عن آبائهم وأمهاتهم أن تصبح مشكلة مؤرقة في المملكة، وبات الكثير من الأبناء منشغلين في ملاحقة أعمالهم الدنيوية وسعيهم الدائم للحصول على فرص أحسن، وتحقيق ما يهدفون إليه من منزلة، متناسين الواجبات التي ينبغي عليهم فعلها اتجاه والديهم، ومحبتهم لهم، وحاجتهم الضرورية لمؤازرتهم، من أجل أن تعزز نجاحاتهم في الحياة، فبر الوالدين هو صلاح وإحسان ورجولة ومروءة، وبر الوالدين هو كرامة ورفعة وسمو، والجنة تحت أقدامهما، والبركة تنال ببركتهما، والحاجات تُقضى والأمور تتيسر.
وإيماناً بما للوالدين من حقوق فإن الجهات الحكومية المختصة، بتوجيهات القيادة الرشيدة - حفظها الله - لها سياسة وإجراء فاعل لضمان احترام الوالدين وحمايتهم، ومعاملتهم معاملة تليق بمنزلتهم الاجتماعية، تستند على الجوانب الدينية والثقافية ومن قيم مملكتنا الراسخة، لنصبح قادرين على رد الجميل.
إننا نمر في الوقت الراهن في مرحلة دقيقة وحرجة، ومن الواجب علينا أن نرعي الانتباه إلى أبنائنا وبناتنا، ونقوم بتحصينهم من ناحية الدين والمعرفة والثقافة، ودعوتهم إلى التمسك بالعادات الأصيلة والتقاليد الحسنة، وأن نحميهم من التطرف والانحراف الفكري ومن الانصهار والاندماج في الثقافات الأخرى.