بسم الله الرحمن الرحيم {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}، إن العين لتدمع والقلب ليحزن، وما نقول غير {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. وإن الإنسانية لتبكي أمير الإنسانية والتنمية.
مصابٌ جلل تمثل في وفاة أمير البذل والعطاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد، وانتقل إلى جوار ربه، فقيد الوطن.
رحلت يا أمير الطيب والوفاء وتركت لنا إرثاً وذكرى من الصعب نسيانها. وتجلت آثاره في كل ثنايا هذا الوطن، بل ووصلت الى خارج الحدود من خلال بصمات، واثرا طيباً لا حدود لها.
أدوار كان لها الأثر الحسن والمبارك وساهمت في إرساء التنمية في المنطقة الشرقية إبان كنت أميراً للمنطقة في تلك الفترة. اللهم اغفر له واغسله بالماء والثلج والبرد ووسّع مدخله وافسح له في قبره وآنس وحشته واجعل قبره روضة من رياض الجنة واجمعه مع النبيين والصدقيين والشهداء ومع والديه في أعالي الجنان.
لقد فقد الوطن شخصية استثنائية جُبلت على فعل الخير، فقضى وأفنى حياته لخدمة دينه ومليكه ووطنه. صاحب السيرة العطرة والحياة الحافلة بالعطاء والبذل السخي.. لقد قدم الفقيد للإنسانية والإنسان الكثير.. لم يبخل، رحمه الله، على وطنه بأي جهد يساهم في التخفيف من المصاعب.
الفقيد كان قمة في الأخلاق مع من تعامل معه من قريب أو من بعيد، لذلك استحق بجدارة كل الألقاب الطيبة والأوسمة التي حازها تكريماً لجهده وعطائه.
وإذا أردنا الحديث عن مساهماته في وطنه وأبنائه فإننا نقول إن فقيد الأمة أرسى أسس الحياة العصرية الحديثة في المنطقة الشرقية في تلك الفترة، وأسهم في بناء وطنه بكل ما لديه من جهد وعمل أقصى ما يمكن عمله، فأوصل المنطقة الشرقية إلى أرقى وأعلى المراتب بين مناطق المملكة في تلك الفترة.
مع رحيل أمير الإنسانية والتنمية والبذل لن ننسى آخر كلماتك الطيبة، بالحفاظ على وطننا الغالي ونضعه في قلوبنا وما لمسناه من خلال ما ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي من هذا الحب الجارف والدعوات الطيبة لسموه رحمه الله على ما قدمه لكل من عرفه ولم يعرفه، ولهذا بحد ذاته دخلت قلوب الكثير من هذا الوطن الغالي وخارجه، وكن مطمئناً بأنك تركت أحبة كثر استوعبت دروسك وتعاليمك الإنسانية الراقية.
إننا نقف اليوم بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم في هذا المصاب، أبو تركي رحمه الله رجل بأمة.. رجل أحيا إنسانية افترستها حملات مضللة لم تستطع التغرير بشبابنا، عمل ليل نهار للتصدي لهم، فهو رجل ليس ككل الرجال، ورمز ليس ككل الرموز، فما سوف يتركه من إرث فذ بين دفتي كتاب حياته الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة كل صور العطاء والإبداع، يضعه -حتما ودون جدال- في المرتبة الأسمى التي لا يجاوره فيها الكثير.
لقد مثّل الفقيد مدرسة فكرية كبرى متكاملة الأبعاد والزوايا، وموسوعة شاملة طبعت بصماتها المؤثرة في كل مكان، وتركت آثارها العميقة في حياة الإنسانية.
لم تقتصر حياة فقيد الوطن الغالي على المواقف الثابتة والقدرات الفكرية، بل إنه مثّل الفكر والسياسة، امتلك مرونة مدهشة صقلتها المحن والتجارب والخبرات فقد اكتسب كل ذلك من والده طيب الله ثراه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ليشكل شخصية بديعة ذات ملامح ومكونات متكاملة تُوّجت بكاريزما ذاتية وحضور لافت.
إننا في هذا المقام مهما تحدثنا عن مناقب فقيد الوطن محمد بن فهد. فإننا لن نوفيه حقه، فهذا الرجل أرسى مبادئ وقواعد إنسانية تجاوزت الحدود لتصل كافة ارجاء وطننا المعطاء..
رحلتَ يا أمير الخير والاخلاق.. برداً وسلاماً.. تغمدك الله بواسع رحمته ورضوانه وأسكنكَ فسيح جنانه.. وثقل موازينك بالحسنات نظير ماقدمت لوطنك وأبنائك.. ونقدم تعازينا الحارة للأسرة المالكة الكريمة وإلى إخوانك، سعود، سلطان، خالد، عبدالعزيز وألى أبنائك، تركي، خالد، عبدالعزيز وأفراد أسرتك الكريمة وإلى كل محبيك، بهذا المصاب الجلل. والحمد لله على قضائه وقدره.
** **
- محمود أحمد منشي