عليك سلامُ الله مِني تحيّةً
ومن كُل غيثٍ صادقِ البَرقِ والرّعدِ
وهكذا تتوالى قوافل الراحلين إلى الدار الآخرة والتي تحمل الكثير من المعارف والأحباب وتترك الكثير من الحزن والأسى على فراقهم الأبدي، ومن هؤلاء من ودعناه بالأمس القريب الأستاذ عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن المشعل (أبا عبدالعزيز) الذي انتقل إلى رحمة الله عصر يوم الأحد 26-7-1446هـ، وتمت الصلاة عليه بعد صلاة عصر يوم الاثنين 27-7-1446هـ بجامع عبدالله المهيني بشمال الرياض، ثم حُمل جثمانه الطاهر إلى مقبرة الشمال حيث وُورِيَ الثرى هناك في أجواء حزن وأسى على فراقه - رحمه الله -.
وكانت ولادته في عام 1368هـ، وقد ابتلاه الله منذ ولادته بفقد السمع والكلام فكان محل عناية والديه وإخوته، ولعدم توافر المدارس المتخصصة - آنذاك - لحالته فقد تم إرساله إلى لبنان عام 1963م ثم انتقل بعدها إلى مصر ثم إلى لندن حتى عام 1975م، وتعلم النسخ بالآلة الكاتبة باللغتين العربية والإنجليزية وكان محط إعجاب وتقدير معلميه وزملائه وذلك لإتقانه وذكائه، وبعد عودته التحق بالعمل الحكومي موظفاً في وزارة المعارف من فئة الصم والبكم معتمداً على نفسه، وكان مدير عام برامج التعليم الخاص بوزارة المعارف –آنذاك - زميلي الحبيب بدار التوحيد بالطائف عامي 71-1372هـ الأستاذ الفاضل عبدالرحمن بن عبدالله العبدان يشيد بمهارات وكفاءة الفقيد في عمله كنموذج مُلهم في تحدي الإعاقة رحمهما الله جميعاً.
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها
من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على (أَحدِ)
وقد ترك بصمة واضحة في مجال ومحافل الصم والبكم، حيث كان عضواً مؤسساً لنادي الصم وعضواً في مجلس إدارته منذ عام 1400هـ إلى عام 1418هـ، وقد تقاعد في عام 1428هـ حميدة أيامه ولياليه، فقد كان عضواً فاعلاً في مجتمعه ومحباً للخير وصلة الرحم ومحافظاً على أداء الصلوات الخمس في المسجد ولا يجد في ذلك صعوبة رغم حالته.
وكان - رحمه الله - ذا شخصية اجتماعية محبوبة لدى الجميع ويعطف على المساكين ويساعد أصدقاءه في النادي.
وَجهٌ عَليهِ مِنَ الحَيَاءِ سَكِينَةٌ
وَمَحبَّةٌ تَجرِي مَعَ الَأنفَاسِ
وَإذَا أَحَبَّ اللهُ يَوماً عَبدَهُ
أَلقَى عَليهِ مَحَبَّةً في النَّاسِ
ولم يقف - رحمه الله - عاجزاً أمام إعاقته فقد تعلم لغة الإشارة، وكان يتواصل مع الناس ومع أصحابه ومعارفه بالإشارة تارةً وبالكتابة في الهواء تارة أخرى، ولما ضعف بصره كان يتواصل معهم بالكتابة بأصبعه على راحة أيديهم ويبادلونه التواصل ذاته.
ولي مع أبي عبدالعزيز صلة قرابة وذكريات جميلة وصداقة مع أخيه محمد أبا عبدالعزيز - رحمهم الله جميعاً -، تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وألهم ابنه عبدالعزيز وبناته الكريمات: منيرة وريما، وأخته هيا والدة الدكتور عمران بن عبدالرحمن العمراني، وأبناء إخوانه وكافة أسرة المشعل ومحبيه الصبر والسلوان.
هَنيئاً لَهُ قَد طابَ حَيّاً وَمَيِّتاً
فَما كانَ مُحتاجاً لِتَطيِيبِ أَكفانِ
**
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف/ حريملاء