سعادة مدير تحرير المجلة الثقافية د. إبراهيم التركي - سلمه الله -
إنها خطوة رائعة، وعمل جليل، يدل على حب الثقافة، والوفاء لأربابها، ذلكم التكريم الذي تقدمه مجلة الثقافة لعدد من رموز ثقافتنا، والمتمثل في تخصيص ملف في أحد أعدادها للاحتفاء بمثقف أو أديب وضع لبنة في صرح نهضتنا. وقد اطلع القراء على عدد من الملفات الرائعة التي احتفت برموز ثقافية وطنية وعربية، مع أن لي وجهة نظر أخرى على أجزاء من بعض هذه الملفات. وكان من هذه الملفات، ملف الشاعر محمد الفهد العيسى، الذي نشر في عدد الاثنين 21-10-1429هـ، وهو ملف قيم وجيد، وقد بذل المسؤولون عنه جهداً ظاهراً يشكرون عليه، ولي مع هذا الملف وقفات:
الأولى: خصص للشاعر أقل من نصف المجلة، وهذا قليل جداً في حقه، وكان الواجب أن يعطى العدد كاملاً، لأن الكل يعلم - وعلى رأسهم أسرة الإعداد والتحرير - أن الإعلام لم يحتف بالشاعر احتفاء يليق بما قدمه للأدب من محاولات مبكرة وناجحة، تدعو للتطوير والتجديد المؤصل، فلا تخفى على أرباب المجلة أهميته ودوره في مسيرة نهضتنا الثقافية الأولى، فهو بحاجة إلى تعويض عن هذا الإهمال والتهميش، كانت الثقافية هي الأحرى في القيام به. وقد رأينا المجلة تخصص أغلب صفحاتها لمن هم أقل حاجة - ولا أقول أهمية، فلكل أهميته - من العيسى، كالدكتور عبدالله الغذامي، فقد وفاه الإعلام حقه، أو الشاعر محمود درويش، لكون الإعلام -كذلك- قد وفاه حقه، ثم لكونه لم يسهم في نهضتنا الوطنية.
الثانية: يا للعجب!! ملف التكريم والاحتفاء لا يحتوي على سيرة ذاتية موثقة للمكرم، فسيرة الشاعر المنشورة في الملف تحتوي على أخطاء ومعلومات غير محدثة، والسبب أنها نقلت من مصدر قديم، زادت مأساته الأخطاء الطباعية، فالشاعر -مثلاً- ولد عام 1346هـ، وليس عام 1343هـ كما هو مشهور، ولم تشر السيرة إلى بعض مناصبه المهمة، كما لم تشر إلى بعض دواوينه، وأخطأت في اسم بعضها، وتاريخ البعض الآخر.
الثالثة: عمدت المجلة إلى مقال قديم كتبه د. غازي القصيبي في المجلة العربية، ص38 من عدد شوال عام 1419هـ وأعادت نشره، والسؤال هنا: ألم تستطع المجلة أن تحصل على مقالات جديدة تليق بموقف التكريم والاحتفاء، لِمَ لم تستكتب كتابات جديدة ممن عرفوا الشاعر وكتبوا عنه قديماً أو حديثاً كـ د. غازي القصيبي، أو محمود رداوي، أو د. محمد بن سعد ابن حسين، أو د. مسعد العطوي، أو إبراهيم أحمد ملحم، أو د. فهد العرابي الحارثي، أو راشد عيسى، أو محمد المشايخ، أو غيرهم، وإن كان لا بد من استدعاء فليستدع ما كتبه الناقد رجاء النقاش، فهو من أجمل ما كُتب عن العيسى.