برود ساخن
قبل الموعد بنصف ساعة كان هناك، تفقد كل شيء بعناية. حاول أن يجمع كل تفاصيل المكان لكي يظهر لها مدى اهتمامه.
عندما شاهدها قادمة من بعيد تظاهر بأنه لم يشاهدها وأنه منشغل بتفاصيل أخرى. كان يتوقّع تصرفاً مجنوناً. لكنها كانت هادئة تماماً. هكذا شعر عندما لامس يدها. سرت برودة هائلة تسربت دفعة واحدة إليه. سحب يده سريعاً.
- يوووه أنت باردة.
تمتمت: سمعت مرة أن برودة الأطراف تعني حرارة المشاعر.
قالت: إن صحتها ليست على ما يرام، وإن أخاها سيحضر بعد ثلاث ساعات ليحمل حقائبها، وإنها على موعد مع صديقتها كي تأخذ منها كراسة المحاضرات وإن عليها تجهيز نفسها فالحقائب لم ترتب بعد، وموعد السفر يقترب.
قاطعها ضاحكاً: هل بقي شيء من الارتباطات؟
قالت بصوت متهدج خفيض: لا..
قال: حسناً، بقي لدينا ساعة..
قالت: مضى منها النصف في السير حتى أصل إليك.
قال: حسناً وداعاً، أراك على خير، لا تنسي أن تتصلي فور وصولك.
انسحب خارجاً. لحقت به.
هتفت بمرح: يا مجنون كنت أحاول إثارتك.
عاد معها للداخل
اتهمته بالبرود (...)!
قال: لا أحب أن أفرض نفسي عليك.
قالت:
قال:
قالت:
قال:
مرت خمس ساعات. تذكّرت أن لديها مواعيدها.
فزعت، صاحت، شهقت، ضحكت.. رحلت.. رحلت سريعاً.
*** ***
تمثالان
على الرصيف وسط جموع المارة وقف يودعها. كلما همت بالمغادرة جذبها من يدها وقال:
أريد أن أذهب معك. ضحكت بمرح وقالت: سنلتقي الليلة.
تابعها بنظرة حتى غابت تماماً، واختلطت بجموع المارة القادمين والغادين. لم يعد يميزها من بين جموع الناس.
كان خلال هذه الفترة ينحت تمثاله على الرصيف عندما فرغ من عمله نصب التمثال وترك نفسه هنالك وغادر.
في المساء اتصلت تخاطبه بمرح: لقد وجدتك على الرصيف.
ماذا تفعل هناك يا صديقي المجنون البرد قاتل!!
قال: هل وجدتني فعلاً.
وصفت له التمثال
قال: أين أنت الآن.؟
قالت: أقف بجوار تمثالك..!!
قال لها: يا عزيزتي البرد قارص.. البرد قد يقتل القلب.
قالت له: لن أصالح.
حسنا انتظريني أنا قادم..
عندما وصل إليها لم يجدها. وجد تمثالها بجوار تمثاله.
أحاط المكان بروحه. كتب حروف اسمه واسمها علي التمثالين ثم غادر وهو يعرف أنه قد
ترك للمدينة أثراً لن يعرفه غيرهما.