لو تجسد الشعر رجلا لكان رجلا يشبه محمد الفهد العيسى..
يشبهه في أناقته..
يشبهه في كرمه..
يشبهه في طيبته..
يشبهه في وداعته..
ويشبهه -قبل ذلك وبعده- في الغضب الذي يتوارى خلف الأناقة والكرم والطيبة والوداعة..
لو تجسد الشعر رجلا لكان رجلا يشبه محمد الفهد العيسى..
يشبهه.. في بحار شجنه..
يشبهه.. في دروب ضياعه..
يشبهه.. في ندوبه..
ويشبهه في.. حداء البنادق..
آخر ديوان أصدره شاعر معطاء..
دفع ثمن شعره..
شجناً..
وضياعاً..
وندوباً..
وأشياء أخرى كثيرة..
ولكنه مازال يحدو الشعر..
ومازال يحدو البنادق..
في حداء البنادق يحدو الشاعر العذراء المناضلة:
قد ملّ زندك همس الشال في السحر
وهينمات لحون الحب.. للقمرِ
وثار وجدك لا من صدّ متئدٍ
قد كان قلبك يهواه على خفر
وثار شوقك بركانا يؤججه
يوم الفجيعة.. ثأر ضج للصدرِ
قال أبو يارا:
أبو عبدالوهاب وديع حتى عندما يغضب:
همس الشال
وهينمات اللحون..
في قصيدة عن الثأر!
فتأملوا!
وفي حداء البنادق يصفنا الشاعر -نحن العرب!- هذا الوصف الدقيق الموجع..
.. ننبش القبور
(نحل) الأموات في شوارع المُدن
وفي القرى.. وفي السهول..
في الجبال
ونزرع العفن
ونغمر الشباك في النتن
نصطاد في خبالها.. حياتنا
أمجادنا..
نضيع في غمار زحمة الكلام
وفي فراغ القول والمقال
نخشى الاتهام
في رنة المذياع.. في الصباح والمساء
للآه.. للموّال..
يعلكون في قرف
(نُحنُ.. نحنُ.. كنا في زمانٍ
سادة الزمان
سوف نبقى سادة الزمان!
قال أبو يارا:
لا يحب الناس -يا صديقي- هذا الصدق كله
ولهذا هاجمك من هاجمك..
وذهب المهاجمون..
وبقي الصدق!
وفي حداء البنادق هذه الصورة العجيبة حيث تلتحم الأسطورة بالواقع في بناء مأساوي مثير:
من أدمعي التي تفجرت ألم
غسلت أجساد الخيول الراكضة
في حلبة السباق..
وجفت الينابيع التي تبجست من العصا
والوحل لم يزل
على اللجم!
قال أبو يارا:
لو انتهى الأمر بهذا لهان الأمر..
إلا أن الخيول انتحرت جميعها..
فوفر دموعك يا صديقي لنفسك..
كما وفرتها أنا
لبكاء شبابي الغارب
أما بعد!
أيها القراء!
اشتروا هذا الديوان..
فريعه كله لأطفال فلسطين..
ألم أقل إن الشعر لو تجسد رجلاً..
لكان رجلا يشبه محمد الفهد العيسى في كرمه؟!
إعداد - تركي الماضي - علي سعد القحطاني