الفن التشكيلي في دولة الكويت يتجاوز عمره الخمسين عاما كانت بداياته بسيطة كما هي في أي دولة حيث إرسال بعثات خارجها لدراسة الفن وكان معجب الدوسري ومحمد الدمخي من أوائل المبتعثين لمصر. الاثنان توفيا مبكرا بعد أن رسما أعمالا قليلة حملت التراث والمكان الكويتي، وكان إنشاء المرسم الحر الكويتي إيذانا لابتعاث بعض المنتسبين له لمراسم حرة أو مدارس فنون في عدة بلدان أبرزها مصر التي تعلم فيها بعض الفنانين النحت أو الرسم كان بينهم عيسى صقر ومحمود الرضوان، كما كانت بغداد وباريس وغيرها محطات للبعض الآخر.
كانت الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية من أوائل الجمعيات التشكيلية التي ظهرت في منطقة الخليج العربي وهي تبنت معرض الكويت للفنانين التشكيليين العرب ولم تبالغ الجمعية حينها وإلا لسمّته (بينالي). المعرض يقام كل عامين ويدعى له فنانون من كافة الدول العربية ولجان تحكيم وتقام على هامشه ندوات ومحاضرات وكنت حضرته منذ الثمانينات وشاركت في بعض دوراته عن طريق الرئاسة العامة لرعاية الشباب، كانت الجمعية في دورات هذا المعرض كخلية نحل وتكتظ القاعة بالفنانين والحضور وكان رئيس المجلس الوطني للثقافة والعلوم والآداب هو من يفتتح المعرض ويوزع جوائزه التي أشهرها (الشراع الذهبي) وكان حصل عليها من المملكة الفنانان خليل حسن خليل وبكر شيخون وأتذكر من رؤساء المجلس الوطني د. عبدالعزيز حسين وراشد الراشد، وتوقف هذا المعرض قبيل الغزو العراقي للكويت.
الفن التشكيلي الكويتي عريق وتأثر بالتيارات النحتية في مصر وحافظ النحاتون الكويتيون على أصالتهم وتراثهم، فكانت أعمال الراحل عيسى صقر وسامي محمد وخزعل عوض القفاص وجاسم بوحمد وغيرهم، واتجه عدد من فناني المرسم الحر إلى النحت بجانب الرسم مثل خليفة القطان الذي قدم مجموعة محدودة من المنحوتات الخشبية وبالمقابل رسم نحاتون مثل عيسى صقر وجاسم بوحمد وسامي محمد وغيرهم، وقد شهدت الثمانينات والتسعينيات انحسارا للنحت، بعده قلّ الإقبال على النحت واقتنائه.
آخر زياراتي لدولة الكويت كانت للمشاركة في أعمال معرض إقامته الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية باسم الدكتورة سعاد الصباح وهي جائزة تنوي الجمعية إقامتها سنويا برعاية الدكتورة سعاد الصباح التي أنابت ابنها لافتتاح المعرض (المسابقة) في دورتها الأولى وتوزيع الجوائز على الفائزين وهي جوائز أربع (متساوية) حصل الفنان السعودي عبدالعزيز عاشور على إحداها.
الجائزة أرادها رئيس الجمعية الكويتية للفنن التشكيلية عبدالرسول سلمان خليجية وبالتالي كانت الدعوة للجمعيات التشكيلية في دول مجلس التعاون الخليجي وبمعدل ثلاثة فنانين من كل جمعية إذا علمنا أن البحرين فيها ثلاث جمعيات، وكنت شاركت مع ثلاثة في لجنة التحكيم التي تشكلت من: السيدة استريد دي لوس ريوس وتقيم في اليابان كمديرة أعمال فنية ومستشارة والفنان العراقي هاني مظهر والفنانة العمانية مريم الزدجالي.
مع افتتاح هذا المعرض استعدت افتتاحات معرض التشكيليين العرب وتواجد الفنان الكويتي الذي غاب عدد من أسمائه الأولى عن المناسبة، أما لكبر السن أو الوفاة وكانت الكويت فقدت في الأعوام الأخيرة عددا من فنانيها مثل عيسى صقر وخليفة القطان وصفوان الأيوبي وآخرين، وتحرص الجمعية الكويتية على تعليق صورهم المرسومة في مخرج مبنى الجمعية.
تعرفت في هذه الرحلة على عدد من الشباب التشكيلي الكويتي الذي انضم للجمعية ويعمل ضمن كادرها وقد عبر معظم الفنانين عن الحيوية التي ننتظرها من الكويت التي كانت في أعوام سابقة أنموذجا للحيوية التشكيلية في الخليج وهي تسعى من خلال الجمعية أن تعيد ذلك فالبرنامج المكثف للجمعية والمعارض المحلية أو الخليجية أو العربية واستضافة معارض فردية لفنانين من مختلف العالم والمطبوعات الأنيقة التي تتبناها والمجلة الدورية كل ذلك يمنحها الأهمية المرجوة مع التاريخ الفني الذي سجلته منذ الستينات على المستوى الخليجي أو العربي.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244
الدمام
aalsoliman@hotmail.com