/التنوين/ من الحركات الإعرابية اللازمة لأواخر الأسماء التي لا بد فيها من: (التنوين) وهو من.. علامات.. الاسم ضرورية، ولهذا تجدني.. أعزك الله بطاعته.. أولي التنوين الاهتمام كله في هذا.. المعجم(1)، وسوف يتبين لك من خلال ذلك طراً أحقية التنوين في الدلالة على المراد مما اراد المتكلم، وتجد (القرآن الكريم) و(السنة النبوية) الصحيحة لا ينفكان عنه بحال عند حصوله في الاسم، وهذا لأن التنوين علامة من علامات الاسم بذاته عند موجبه، انظر كيف يقول ابن هشام في (أوضح المسالك) ج1: (التنوين/ وهو نون ساكنة تلحق الآخر(2) لفظاً لا خطاً لغير توكيد) ثم هو يقول: (وأنواع التنوين أربعة:
أحدها: تنوين التمكين، كزيدٍ ورجل، وفائدته الدلالة على خفة الاسم وتمكنه في باب الاسمية لكونه لم يشبه الحرف فيبنى ولا الفعل فيمنع من: الصرف.
الثاني: تفويض التنكير وهو اللاحق لبعض المبنيات للدلالة على التنكير تقول: (سيبويه) إذا أردت شخصاً معيناً اسمه ذلك.
الثالث تنوين المقابلة وهو اللاحق لنحو: مسلماتٍ جعلوه في مُقابلة النون في نحو: مُسلمين.
الرابع: تنوين التعويض: وهو اللاحق لنحو: غواشٍ وجوارٍ عوضاً عن الياء، ولإذ في نحو {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} عوضاً عن الجملة التي تضاف: إذ.. إليها).
ثم قال رحمه الله: (وهذه الأنواع الأربعة مختصة بالاسم).
ولعلك تسألني.. هداك الله للحق.. كيف تورد نحواً في مجال: المعجم اللغوي..؟ فأقول إذا تدبرت حال من سبق من القروم الذين لا يكررون القول بل هم يفضون أبكار الكلام لتجديد علوم اللغة وآدابها وجدتهم لا يكتبون في المعاجم اللغوية اسماً أو حرفاً أو جملة إلا وهم قد تضلعوا رياً في النحو لمعرفة موقع الاسم ونحوه من الاعراب.
قال ابن لحيدان: أرأيت قولك، مثلاً: (يحيى) فهو اسم وهو كذلك فعل لكن يُتبَّين هذا من ذلك بحسب الموقع من الإعراب فيقال: (جاء يحيى) فهذا اسم لا شك فيه، وتقول: (يحيى فلان) تريد: يعيش فيبارك الله له في عمره بطول أو فضل.
وحتى تُدرك.. دلك الله على الهدى.. عوار كثير من كلام القوم اليوم فإن الكثير من القوم في كلامهم عوار بيِّن وعوارات كلامهم سببه تعالمهم من جهة(3) وجهلهم بلغة المسلمين (العربية) من جهة أخرى فلذلك وقعوا في العوار المريض وها أنذا أنتحبُ لكَ عواراً من ذلك العوار.
1- قال أحدهم وهو يضرب مثلاً على الحكاية: (جاء محمد إليهم) ولم يقل (محمدٌ) بل قال (محمدُ) فقط بضم واحدة، وحق مُحمدُ: (التنوين).
2- وقرأت من كتب في كتابه ما يلي: (ليالي كثيرة والأيام تسير الهوينا) ولم يقل: (ليالٍ) فأخطأ ولا يقال إنه خطأ مطبعي لأنه كرر الخطأ في تسعة عشر موضعاً مع أنه أديب وناقد كما يقال كبير.
3- واقرأ معي جملة من هذه المحاضرة في إحدى الجامعات: (وحين تطول العلم تطورٍ تطورٍ كثيرٍ نحو الإبداع) ثم يُردف: (ولا فرق عندنا بين هذه الأمور أيتها الإخوة الأفاضل) وأيضاً: (ونحن يومئذْ نسير نحو التقدم العلمي).. إلخ، أنصتُ لهذه المحاضرة ساعة ونصفها مع التقديم فوجدتُ صاحبنا يلحن ويستعجل ويتداخل كلامه في كلامه.
انظر كيف قال:
1- (تطور العلم تطورٍ تطورٍ كثيرٍ) وحق أن يقول: تطور العلم تطوراً تطوراً كثيراً.
2- (أيتها الإخوة) وحقه أن يقول: (أيها الإخوة) لأنه يخاطب ذكوراً جميعهم كذلك.
3- (ونحن يومئذْ نسير) هُنا سكَّن (ذْ) في (يومئذ) وحق أنه يتلفظ بها مكسورة مُنونةً: (يَوْمَئذٍ) لأنه استمر في كلامه، ولأنه لم يفصلْ بين: (يوميئذٍ) وبين (نسير).
قلت: وأنصتْ كثيراً: (لمحاضرات) (وكتابات) (ونشرات أخبار) (ومقالات) تجد الغيض فيها هو ذاك مع أنه من العلية بمكان مكين.
وهذا سبب جليل لضياع اللغة وضياع ناحية الإعراب في هذا الحد دون سواه.
الهامش
(1) سوف يطبع المعجم بإذن الله تعالى في 20 مجلداً بدلاً من 19.
(2) وأشار كذلك إلى أنواع التنوين.. ابن عقيل.. على ابن مالك.. وسواه.
(3) عد إلى: (مُغني اللبيب) ج1 ص 8 حتى ص 115 و(حي القلم) و(تحت راية القرآن).
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5485» ثم أرسلها إلى الكود 82244
الرياض