مليئة هي صحفنا بالمقالات الثرية فكريا ولغويا على اختلاف اتجاهاتها سياسية ثقافية اجتماعية دينية وغيرها من المقالات التي تغوص في أعماق مجتمعاتنا لتنبش رفات تاريخنا أو تعري حاضرنا.

ومليء هو عالمنا بكتاب مثقفين على اختلاف معتقداتهم وملاتهم وانتماءاتهم، ولكن هل نحن حقا بحاجة لكاتب مثقف يتحفنا بمقال زاخر بالمفردات الأدبية والفكرية الراقية.

هل تنقصنا حوارات ومداخلات مليئة بأفكار تتوشح الغموض.

أغلب كتابنا يمتلكون أقلاما رائعة وقدرة مذهلة على الغوص في أعماق هموم مجتمعنا يضعون أيديهم على نزف الأمة ليوقفوا تدفق أحلامها ويصونوا ماء وجهها من الانسكاب على أعتاب التملق والمحسوبيات.

لكن على الرغم من ازدحام أيامنا بمقال فلان وخطاب علان ومؤتمرات تعقد ومحاضرات تلقى هل وضع مثقفونا في حساباتهم قراء الشارع.

عندما اختاروا مفرداتهم المنمقة وجملهم المقفاة هل مر أمام أعينهم ومن بين أقلامهم أي ملامح لتلك الشريحة من المجتمع التي ستقرأ لهم.

أغلب ما أراه كلمات كتبت لفئة معينة من المثقفين جدا والمطلعين بنهم.

فأين حق الفئات الأخرى؛ الطالب في مدرسته، الموظف البسيط ربة المنزل ذات الثقافة المحدودة بائع الخضار الرجل والمرأة فقيري الثقافة.

أين هؤلاء من غموض الكلمات وزخرفة المفردات وفن التلاعب بالمفاهيم والمضمون.

إن كان أغلب ما تحتويه صحافتنا مجرد رسالة للمثقفين فقط، فلما لا ينشئون صحافة خاصة لذوي الثقافة المحدودة فهذه الفئة التي تمثل نصف مجتمعنا إن لم يكن أغلبه لها الحق في أن تعرف ما يدور حولها، لما لا تكون هناك صحافة لشعب لا يقرأ.