تؤدي (الصحافة) دوراً كبيراً في (تثقيف) القارئ، وجعله (يعايش) واقع الأحداث التي تدور من حوله؛ فهي تُعدّ إحدى (الركائز الأساسية) للإعلام في أي مكان، ولا يمكن لدولة ما أن تستغني عن هذه (الركيزة المهمة).
ومن نافلة القول أن (الصحافة الناجحة) هي تلك التي لا تكتفي ب(نقل الحدث) إلى (المتلقي)، أو تلك التي تعتمد على (الصياغة المثيرة) و(العناوين اللافتة) للانتباه، أو التي تولي اهتمامها بسرعة الحصول على (الخبر) دون أن تكلف نفسها عناء (التثبت) من صحته، بل إن (الصحافة الناجحة) تتجاوز كل هذه الأمور لتمنح (القارئ) وجبة ممتعة ومفيدة صباح كل يوم، وتنقل له أخبار (المجتمع) على الصعيد (المحلي) و(الدولي) ب(أسلوب رائع) و(مصداقية متناهية)، متبعة كل ذلك - وهذا هو المهم - ب(التحليل) و(التعليل) و(القراءة الواعية) لما حدث ويحدث وما سيحدث، و(التعليق) على بعض (المشاهد) و(المواقف) بما يقوّم (الزلل)، ويُصلح (الخلل)، ويُقدّم (الاقتراح)، ويرفع (التوصية)؛ فيتفاعل (القارئ)، ويتفاعل (المجتمع) بمؤسساته المختلفة، وعندها تصبح (الصحافة) قد أدت الدور المنوط بها، والمأمول منها.
ولا شك أن من يقوم بهذه (المهمة الجسيمة) هم (كُتّاب الصحيفة) - ذكوراً وإناثاً - الذين أحسبهم لا يألون (جهداً) في القيام بواجبهم تجاه مجتمعهم، وذلك من خلال (أقلامهم) السيالة بكل ما هو في صالح (وطنهم)، ويعود عليه بالنفع والفائدة.
ولذلك فلا غرو أن تهتم (المؤسسة الصحفية) - أياً كانت - باستقطاب (الكُتّاب المتميزين) الذين تثق بهم، وبقدراتهم، في تقديم (القراءة الواعية)، و(الرؤية الحكيمة) لما جرى ويجري من أحداث من خلال (آرائهم السديدة) و(تجاربهم المفيدة)؛ وبالتالي تضمن هذه المطبوعة أو تلك (الانتشار) و(التوزيع)، وقبل كل ذلك تكسب (ثقة القارئ) الذي يخصص جزءاً من وقته برفقتها، كما أنها تسهم في الوقت نفسه في خدمة (المجتمع) و(الوطن).
ولذلك كان لزاماً على (الكاتب) أن يكون على (قدر المسؤولية) التي أوكلت إليه، وأن يسطر في المساحة المخصصة لقلمه المؤتمن ما يرى أنه يُقدّم (للمجتمع) و(القارئ) (المتعة المفيدة) و(الفائدة الممتعة)، وأن يخدم بأحرفه الأثيرة من ينتظر منه الكثير، وهذا الأمر يتطلب من (الكاتب) أن (يستشعر) أولاً (أهمية المسؤولية) الملقاة على عاتقه، وأن (يتابع) ثانياً (كل جديد) في مجال تخصصه واهتمامه، وأن (يعايش) ثالثاً (الواقع) و(الوقائع)؛ حتى يكون قادراً على أداء (مهمته السامية). وأذكر في هذا السياق ذلك الموقف الطريف حينما دخل علي أحد الزملاء في المكتب وآثار الحزن بادية على وجهه، وهو يقول: (كدت أتصل به وأطالبه بالريالين!!)، فلما استفسرت منه عن القصة أجاب: «اشتريتُ (الصحيفة) هذا الصباح لأن اليوم هو موعد كتابة (مقالتي)، لكنني للأسف وجدت كاتباً آخر يحتل عمودي، سأتصل به وأطالبه بقيمة (الصحيفة)، فلا فائدة منها الآن».
هذا الموقف - وإن كان رمزياً - إلا أنه يكشف عن (أهمية) (الكاتب المبدع)، ودوره المهم في (الترويج) للصحيفة، ودوره الأهم في (إرواء) القارئ المتعطش ب(مقالاته) التي (تعايش الهم)، و(أطروحاته) التي تقرأ (الواقع) قراءة (واعية)، وتحاول تقديم (الحلول) و(المقترحات)، وتنقل (التجربة المفيدة)، و(الرأي السديد).
وهذه الصحيفة العزيزة، صحيفة (الجزيرة)، هي - بحق ودون مجاملة - (أنموذج أمثل) في هذا السياق؛ فهي تضع ضمن (أولوياتها) (استقطاب الكُتّاب المتميزين) الذين يفخر بهم (الوطن) أولاً، وتفخر بهم هذه (الصحيفة) الغراء ثانياً، ويفخر بهم (القارئ) الكريم ثالثاً وهو يحتضن صحيفة تضم بين دفتيها (نخبة) رائعة من (الكُتّاب)، الذين يطلون علينا كل صباح على متن سفينة (الجزيرة)؛ ليمتعوا ويفيدوا، وفي مقدمتهم ربانها الماهر الأستاذ (خالد المالك) الذي يطل علينا بين فينة وأخرى ب(مقالاته) البديعة، وبقية (الكُتّاب) الأعزاء.
والذي ألاحظه - ويلاحظه غيري - حينما أقرأ ل(كُتّاب) هذه (الصحيفة) الرائدة أن كل واحد منهم (مضطلع) في تخصصه بشكل كبير، ويمتلك (خلفية ثقافية متميزة)، و(متابعة مستمرة) للوقائع، تمكنانه من تقديم (قراءة واعية) للأحداث، و(التعليق) عليها، و(إبداء الرأي) فيها، وعرض (التوصيات) و(المقترحات) حولها، و(نقدها) و(تقويمها) بما يخدم هذا (الوطن) العزيز بمؤسساته (الحكومية) و(الخاصة)، وبما يفيد (القارئ)، ويضعه وسط (الحدث)، وينير له (الطريق)، ويقدم له (الحلول)، وهذه الأمور هي من صميم وظيفة (الكاتب) في مختلف (المجتمعات).
ومن يعايش صحيفة (الجزيرة)، ويتشرف باحتضانها كل صباح، ويتأمل في أحرف (كُتّابها) الكرام، سيعرف أن ما أقوله لا يجانب الحقيقة، ولا شك أن هذا (النهج) الذي تسير عليه الصحيفة يوحي بأمرين اثنين: الأول: (بُعد النظر) و(حسن الاختيار) اللذان تتمتعان بهما جريدة (الجزيرة) حين أبدعت في (استقطاب) أروع (الكُتّاب)، وأقربهم إلى (هموم القارئ)، وأقدرهم على (قراءة الواقع) و(معالجة الخلل) في (أسلوب بديع) و(طرح متزن)، الثاني: إدراك (الكاتب) في هذه (الصحيفة) المتألقة (أهمية عمله)، واستشعاره (عظم المسؤولية) التي حملته إياه صحيفتنا (الجزيرة)، حينما ألقت على عاتقه هذه (المهمة السامية)؛ فراح يؤديها بكل (اقتدار)، وفي أتم (أمانة).
فمرحى لصحيفة (الجزيرة) هذا التوجه المحمود، وهنيئاً لها هؤلاء (الكُتّاب) المبدعون، وتحية عطرة أزفها من هذا المنبر لكل من انتسب إلى هذه (الصحيفة المتميزة)، وهنيئاً لنا نحن (القراء) أن نرتشف من هذا (الإبداع) الذي ينثال علينا كل صباح، وتحمله لنا (صحيفتنا) الرائعة، ويرسمه لنا (كُتّابها) الأعزاء.
273
Omar1401@gmail.com
الرياض