الثقافية - عطية الخبراني
يرى بعض المثقفين أن برنامج معرض الرياض الدولي للكتاب الذي سينطلق في 26 -3 - 6 -4 -1432, وستكون فيه الهند ضيفة شرف، يأتي مغايراً للمعارض السابقة من حيث تنوع الفعاليات وشمولها لكافة أطياف الوسط الثقافي واهتمامه, كما كانت هناك آراء مختلفة تشير إلى الرغبة في تغيير المنهجية التي تدار بها البرامج المصاحبة للمعرض, معتبرين في الوقت ذاته أن وجود أسماء مهمة في المشهد في فعاليات هذه الدورة تعد خطوة إيجابية تسهم في رفع مستوى المعرض.
حول ذلك, يرى الدكتور معجب الزهراني أن هناك مفهوماً مغلوطاً أو مشوهاً للثقافة في جل البلدان العربية، فنحن نتوهم ونصدق أن المسألة تتعلق بكلام على كلام وينفض السامر مرتاحاً أو مخدوعاً، فالثقافة بالمعنى الجدي هي فعل رمزي له انعكاسات عملية مباشرة وغير مباشرة في واقع الحياة اليومية؛ بناء عليه لنا أن نتساءل عما إذا كانت الثقافة عندنا شكلاً من أشكال الحكي العابر؟.
ويضيف الزهراني: من جهتي أميل إلى هذا الرأي، والسبب هو أننا لا نزال نعاني خللاً عميقاً في العلاقة بين المثقف والمجتمع بسبب هيمنة وضعيات التسلط التي حللها عبدالله حمودة في كتابه «الشيخ والمريد» وقدم عنها الياباني نوبوآكي نوتوهارا وثيقة قيّمة منذ سنوات، وفي سياق وضعية كهذه يسود منطق «قولوا ما تحبون ونحن نفعل ما نريد»، ويكفي أن نطل على المشهد المتكرر في كل البلدان العربية لندرك فداحة الأمر ومرارته، مؤكداً أن الفعاليات الفكرية والأدبية والفنية لا تكاد تنقطع قبل وبعد معارض الكتب الكثيرة هنا وهناك, لكن النتيجة العملية هي لا شيء تقريباً، فما إن ينفض السامر حتى تعود الحياة إلى مساراتها الضيقة ومجرياتها الراكدة, بل الآسنة وكأن شيئاً لم يحدث، فالشاب العاطل عن العمل لن يستطيع أن يحتج ويطالب بنهاية سعيدة لمعاناته إلا في النوم, والمثقف لن يستطيع أن يمارس حقوقه وحرياته البسيطة إلا في مكان مغلق, والمثقفة لن تستطيع أن تقود السيارة من منزلها إلى مكان عملها.. وهكذا.
واختتم الزهراني حديثه بالقول «آمل أن يفيد البعض من المشاركة الهندية فتتغير الصورة البائسة التي يحملونها عن بلد قاري تسود فيه الديمقراطية ويتقدم فيه العلم الحديث والفنون الحديثة, وفي مقدمتها السينما بشكل يثير الإعجاب, وأن يستفيد آخرون من مشاركة عالم كبير كأحمد زويل فيتغير لديهم مفهوم العلم الذي شوهه خطابنا السائد حتى لكأنه يسمي الجهالات ذاتها.
وأما الشاعر حسن الصلهبي فيرى أن جدول الفعاليات المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب في دورته الحالية مزدحم بالكثير من النشاطات والأسماء، متمنياً أن يكون المحور الذي يلم شتات هذه الفعاليات متفاعلاً مع المشهد الثقافي السعودي، لأنه يجب مناقشة الكثير من القضايا الملحة التي تخص الأديب والمثقف السعودي بكل وضوح، عطفاً على ما تشهده الساحتين المحلية والعربية من تجاذبات مصيرية، فلابد أن يقوم فيها المثقف بدوره المحتوم في تكريس القيم التي تساعد على تطور الوطن واستقرار المجتمع في جميع شئونهما، وهذا ما نعوله على معرض الرياض الدولي للكتاب الذي قدم الكثير للثقافة السعودية، ولكنا لا نزال نطمح في أن يكون ملاصقاً ومتابعاً أكثر للمستجدات والمتغيرات، ولا ننسى أبداً أن المعرض فرصة جيدة لتقديم الدار والكتاب والمؤلف السعودي من خلال إقامة الندوات والمحاضرات عن الإصدارات السعودية الأحدث، فهي بالتأكيد أصدق مرآة لما يعتري ساحتنا من حراك, ملمحا إلى أنه قرأ أنه سيتم تكريم بعض دور النشر الرائدة وفق معايير معينة، فلماذا لا يتم تكريم بعض الإصدارات والمؤلفين من خلال عطائهم المتواصل وإبداعهم المتجدد؟، قائلاً: أنا على يقين أن مجرد إقامة أمسية شعرية أو قصصية ليس كافياً لما يتوخاه المبدعون من هذا المعرض الكبير.
ويشير الصلهبي إلى أن الأسماء الحاضرة هي أسماء فاعلة لها إسهاماتها المتعددة في المجالات العلمية والثقافية والأدبية كالدكتور الغذامي وتركي الحمد وأحمد زويل، ونحن بدورنا نشكر القائمين على التنظيم، ونتمنى لهذا الوطن المزيد من الشموخ ولثقافته ومبدعيه المزيد من التألق.
من جانب آخر أوضحت الكاتبة والروائية سالمة الموشي أننا أحوج ما نكون إلى فضاء متاح للحراك الثقافي، أو صيغة للانخراط في أكبر قدر ممكن من الخلق الإبداعي، معتبرة أن معرض الرياض الدولي للكتاب هو بمثابة محرك للتنمية الثقافية المحلية التي هي أساس المشاركة في التنمية الإنسانية.
وبخصوص مشاركة الهند كضيف شرف تقول الموشي: إنه من الجميل أن تكون الهند هذا العام ضيف شرف معرض الكتاب والذي نتطلع فيه إلى تعريف حقيقي وعملي بالثقافة الهندية وألا نكتفي بشرفية الحضور بحيث نتعرف على نتاجهم الفكري بشكل أقرب.
وتأمل الموشي أن يكون برنامج الفعاليات الثقافية مركزاً على الثقافة كهوية وأن يكون فعلاً ثقافياً مثمراً يساهم في الارتقاء بالوعي المجتمعي بحيث يظهر استيعاب الثقافة كنتاج اجتماعي يبث للمجتمع، وأن يخرج من كون الثقافة فعلاً نخبوياً ينتجه النخبة إلى مشروع أمة تقرأ وتتفاعل وتنتج الثقافة، وفي المجمل فإن وزارة الثقافة والإعلام ممثلة بوكالة الوزارة للشئون الثقافية تقوم بجهد مؤسسي لا يمكن تجاهله للارتقاء بفعاليات المعرض وعلاقة الثقافة بالمعطيات المتوفرة، فبرنامج الفعاليات لهذا العام هو ترسيخ للمبادرات الواعية التي تقوم بتنظيمها وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في كافة أنشطتها.