لعل من أكثر الأمور التي تشذ بها تفردا الهوية العربية غياب أهدافها الإستراتيجية نحو ثقافتها و لا يخفى تشابه الحال في معظم الأصعدة الأخرى كذلك!
تحقيق المكانة العجيبة في الغرائب واقتصار السعي الدؤوب للحوز على أمر هو ليس من شأنها الأهم والمتفرد بل في أحيان أخرى لا يمت بأي صلة لثقافة تاريخ أمتها الأجل سمة بلغت مبلغ البذخ الأبله وكأني أرى أعين أمم أخرى ترمق بعضها بدهشة ممزوجة بكثير من الشفقة..
وهذه السمة من أعجب وأظرف بل وأندر الفكاهات التي نمتاز بها في زمننا الحاضر ففي وقت يقال فيه إن الوارد مهما كان ذا صدى ما هو إلا دليل على تواجد الصادر مهما خفى ولم تدركه الأبصار ولكن يصر فئة من بني جلدتنا على أن نكتفي بالوارد نجلبه جلبا ونصدر ذاته قربانا ولهفة!
حتى صار واقعنا يستوضح ببيان الأبله وغيرها من كنى الغباء ولا أعلم كيف تسللت بيننا بل وفينا حتى أعطيناها التكريم و التشريف و برغم يقيننا لا تزال تضحك معظمنا وتتندر على حالنا بحضورها العاجل في خطب يلم بأحداثنا ولا عجب أن تلزم ارتداد أبصارنا لأنها خلاصة لتحرير القيود و قراءة لما خلف الأسوار وكشف عاجل بَيِّنٌ لسوءات الضعف التام والتي تفهمها أضعف حالات العقل.
حاجات البشر في العالم أجمع تختلف ومع هذا لا يزال المتنطعون ذوي وعي غائب, سعي حثيث لتمييع ثقافتنا بالآخر بلا وجل ومع هذا يزداد الآخر طرديا عليه نهبا وحظوة تسلطا وقمعا ساحرا فمن ذا يعتز بمصافحة ذليل ذو يد لا تكف الشحذ وإن أعطت ردت ما أعطيت.
البكيرية
