يحطم أناسٌ صروحاً متينة وعتيدة وبرَّاقة لهم بأيديهم، طوعاً من تلقاء أنفسهم، جراء حماقة ما، أو لنعرة تلبّستهم، ثم لا يسعهم بعدها إلا أن يعضّوا أنامل الندم. ومثل المنحدر الوعر، يكون طريق الجفاء: درباً بالغ الهبوط، وذا وجهة واحدة، وبلا سبيل للالتفاف. وكلما تناءى المرء فمن العسير جداً له الرجوع. وبمضيّ الوقت، يتفاقم هذا العسر على نحو لا يمكن للنوايا الحسنة تخطّيه.
وحين يدبّ بينهم الشقاق، يعوّل المتخاصمون بشدّة على رصيد الماضي الجميل، فيركنون، ويتقاعسون عن التدارك المبكّر، بيد أن الزمن - في خاتمة المطاف- يتآمر بكل مكر على ذلك الرصيد الوفير، فيجعله هباء منثوراً.
ما أصعب عودة الذاهبين، حين يكون غيابهم عن جفوة. وليس أشقّ من إضاعة المريدين إلا إعادتهم بعد زمن. وأياً كان المخزون المشترك زاخراً فلن يصمد إزاء التفريط. إن الألفة كما السُّلْطة، إذا تلاشت فمن المحال استعادتها.
«الخوف كان العرف عقب البطا ضاع
والمنتحي يا سعود صعب رجوعه»
لندن
ts1428@hotmail.com