لا يمكن لأي أديب أو مثقف أن يدرك أنه كذلك إلا أن يعي أن الانفتاح على الآخرين لا بد منه بطريقة وأخرى، وليس هذا تقمصاً وذوباناً في ثقافتهم بقدر ما هو اكتشاف وإطلاع وإلمام بها أو جزء منها، ولذا من غير الصحيح أن يُقال لمن اطلع أو قرأ وأدرك وتوسع في ثقافة مغايرة عن ثقافته إنه من تلك الثقافة، وهنا ندرك معنى المثقف ونفرقه عن غيره.
وحينما ينقل مثقف رأياً أو قولاً نتيجة لتوسعه في ثقافة ما، ليس بالضرورة هو متبني هذا الرأي وهذا القول، وهذه الثقافة، بل تأكيد لعمق ثقافته وإلمامه واتساع اطلاعه على ثقافة الغير، ولا أدري لماذا يتم الهجوم على شخص تناول أو قرأ ثقافات أخرى بعيدة عن ثقافتنا كمسلمين وكعرب وتعمق فيها؟ خاصة وأن الثقافة ليس لها حدود جغرافية، وليس لها دين محدد، وليس لها هوية معينة.. نعم على المثقف المسلم ألا يتأثر بمبدأ يتناقض وثقافته الإسلامية أو يخالفها عقيدة، وهذا ليس مؤشراً ولا دليلاً لعدم الاطلاع والبحث في سلوكيات وعقائد وعادات الآخرين والاستفادة منها، فمن وجهة نظري أن التعمق في الثقافات المتعددة بالإضافة إلى الثقافة الإسلامية هي الثقافة الحقيقية وبدونها تكون الثقافة ناقصة عند هذا المثقف أو ذاك، بل ربما الدين يدعو إلى التعمق في مختلف الثقافات أياً كان منبعها، لمعرفة العمق الأصيل في الثقافة الإسلامية الواسعة والعميقة وإدراكه لغزارتها واتساع مساحتها وتنوعها ومرونتها، مقارنة بثقافات شعوب الأرض قاطبة.
Albatran151@gmail.com
الأحساء