كابتن هولي غراف أحيلت للتحقيق ثم التقاعد لقسوتها مع طاقم سفينتها
تقديم المترجم: هذه مقالة هامة عن عنف كابتن هولي غراف في مجال الإدارة بقلم مارك تومسون.. واشنطن.. ونشرت في مجلة تايم في 11 آذار - مارس 2010م..
عندما تقود المرأة
في الصيف الماضي، حاول ثلاثة من أفراد طاقمها السعي بسرية لكي تجري البحرية تحقيقاً في كيفية قيادتها سفينة كوبنز المستقرة في اليابان.. وفي دفاعها عن نفسها أمام المحققين، قالت غراف للمحققين إنها (لا تتذكر) قول تلك العبارات الفاحشة لبعض أفراد طاقمها و(بدت متشككة بخصوص الاتهامات). وادعت غراف أن مجموعة صغيرة من الضباط الساخطين عليها كانوا ينشرون الشائعات بين أفراد الطاقم ويحاولون إقناع الآخرين بأن قيادتها وسلوكها كانتا أسوأ بكثير مما كانت عليه في الواقع. وتابعت غراف في إيميل للمحققين: لقد رفعت نبرة صوتي عدة مرات و-وربما استخدمت كلمات نابية- فقط للتأكد من أنهم يعرفون أنني لست أمزح معهم. وأضافت: كما فعلت ذلك في مناسبات أخرى للضغط عمداً وتأكيد موقفي وحتى يتم فهم أوامري.
المحققون لم يعطوا ويقبلوا من غراف أي عذر.. غراف انتهكت اللوائح القانونية البحرية لقيامها بالحط من قدر طاقمها، وإهانتهم وتحقيرهم علناً والاعتداء عليهم لفظياً أثناء قيادتها للطراد كوبنز.. كما خلص التقرير. وأضاف التقرير أن تصرفاتها تجاوزت الأساليب الحازمة اللازمة لتنجح أو حتى تتفوق في قيادتها؛ كما أن لغتها العنيفة البذيئة والفاحشة نادراً ما يتلوها أي أمر. كما أن انتقادها المتكرر للضباط في كثير من الأحيان أمام أعضاء الطاقم الأدنى مرتبة يتعارض مع المصالح العليا لقيادة السفينة والخدمة البحرية.
وعندما وصل التقرير الذي يقع في 50 صفحة إلى طاولة رئيس غراف الأدميرال كيفين دونيغان، عزلها عن القيادة فوراً.
هل كانت مستهدفة؟!
ملحمة غراف حتمت على البحرية مواجهة سؤالين صعبين: هل كانت البحرية ستعفي رجلاً فعل مثل تلك الأخطاء التي ارتكبتها غراف؟ وإذا كان نمط غراف في القيادة رديئاً، فكيف لم تكتشف البحرية ذلك الخلل في المقام الأول؟.
الأجوبة مترابطة ومتداخلة.. يبدو أن بعض الضباط يترقون سريعاً بصورة سحرية من خلال الرتب، ويكونون في مأمن من الانتقادات التي من شأنها أن تلطخ سمعة الآخرين.. بعض الذين راقبوا غراف تتسلق سلم القيادة والترقيات، ظنوا أن لها حليفاً مهماً يدعمها، لكن لا يبدو أن الحالة كانت كذلك. وعلى الرغم من أنها جاءت من عائلة ذات خلفية طويلة في البحرية، إلا أنها تخطت بنجاح كل عقبة وضعتها البحرية أمامها. وببساطة، كبار الضباط لا يولون اهتماماً كافياً بما يحدث بعد ذلك.
إذاً، هل تم إعفاء غراف من القيادة لمجرد أنها أنثى؟.. تقول القائدة البحرية المتقاعدة دارلين إسكرا التي كانت في عام 1990 أول امرأة تقود سفينة إنقاذ بحرية (يو إس إس أوبورتون): لقد تصرفت غراف كرجل، والآن يعاقبونها لذلك.. لكن رأي القائدة إسكرا يصعب توفيقه مع حقيقة أن سلاح البحرية أعطى ترقيات مستمرة للكابتن هولي غراف عند كل منعطف في وظيفتها، وحقيقة أنها حصلت على مهمتين تاريخيتين وأصبحت بالتالي قدوة ومثلاً أعلى لكل ضابطة شابة. في الواقع، غراف كانت على وشك الحصول على وظيفة قيادية إدارية عليا في البحرية داخل مبنى البنتاغون عندما خرج تقرير المفتش العام الذي قضى على مستقبلها ووظيفتها.. والأهم من ذلك، هناك إجماع في الآراء بين ضباط البحرية العاملين والمتقاعدين، وهو أن غراف كانت ستحصل على المصير نفسه حتى لو كانت ذكراً.
ولكن في المقابل، التفسير الأفضل لهذه الحالة هو أن فشل البحرية في وضع حد لغراف في وقت مبكر ليس بالرغم من كونها أنثى بل بسبب كونها أنثى! ففي أعقاب فضيحة تيلهوك (Tailhook) والتي قام فيها طيارون في سلاح البحرية بالتحرش الجنسي بعشرات من النساء في فندق هيلتون لاس فيغاس خلال انعقاد مؤتمر جمعية تيلهوك الخاصة بطياري البحرية عام 1991، قامت البحرية بدفع الإناث لدخول الخدمة في البحرية لكي تخفف من وقع تلك الفضيحة ولكي تثبت أنها لا تعيش في العصور المظلمة. وبالتالي تعرضت البحرية لضغوط سياسية لتنويع قيادتها بين الجنسين، وكانت غراف جزءاً من الإجابة: أول امرأة تقود كل من مدمرة وطراد. بعض المحاربين القدامى يعتقدون أن غراف كانت بحاجة إلى مزيد من الوقت للاستعداد لهذه المهام.. تقول الضابطة الشابة نيكول وايبرايت التي عملت لفترة تحت قيادة غراف في (كورتيس ويلبور): لدي بعض التعاطف معها، وأضافت: البحرية تعرضت لضغوط لإدخال الن ساء لسلاح البحرية ووضعت امرأة في أفضل وأصعب منصة تكتيكية، ولكنها لم تكن تملك خبرة كبيرة وكافية لفعل ذلك. وأضافت: بعض الشبان قد ينجحون في هذا التحدي، ولكن ليس غراف. لقد كانت قائدة سيئة ومرعبة جداً للبحرية.
من المؤكد أن قضية غراف ستخيف الكثير من المجندات المتوقعات للبحرية. السيدة شون سميث، وهي كابتن بحرية متقاعدة وزوجها كذلك، أشادا بقرار ابنتهما إيرين للانضمام إلى القوات البحرية في عام 2007، بعد تخرجها في جامعة نوتردام بمنحة من البحرية. كانت إيرين سميث تفكر جدياً بوظيفة في البحرية حتى تم تعيينها على الطراد (كوبنز) التي كانت تقودها غراف. تقول والدتها: تجربتها مع الكابتن غراف ساعدتها بالتأكيد وبشكل نهائي على اتخاذ قرار ترك البحرية. وتضيف والدتها: شعرت بالذنب لهذا الحدث، لأني أعتقد أنها دخلت البحرية بسببنا، وشعرت بالغضب، لأن هؤلاء الشابات لا تستحقن هذا النوع من القيادة.
رفضت غراف إجراء مقابلة معنا لهذه المقالة.. وهي الآن متوجهة للعمل في وظيفة بيروقراطية منعزلة في مختبر أسلحة البحرية في دالغرين، ولاية فرجينيا، حيث من المؤكد تقريباً أن تواجه متابعة التحقيق وحضور جلسة استماع التي يمكن أن تنهي حياتها المهنية للأبد إذا لم تطلب التقاعد مبكراً.
انتهى مقال (عندما تقود المرأة)
تعقيب المترجم: بعد تحقيق غير قضائي داخل البحرية مع غراف، ثبتت عليها تهمتا القسوة وسوء المعاملة غير المبررة مع طاقمها وتم تحويلها إلى تقاعد إجباري.. وأشادت مدونة (مكافحة الفساد في البحرية) غير الرسمية بالقرار. وتلقت مجلة تايم آلاف من الرسائل تحتج على هذا التحقيق وتطالب بالإعتذار للنساء، ولكن المجلة لم تعتذر بل أشارت لوصول الرسائل في عدد لاحق.
Hamad.aleisa@gmail.com
المغرب