| |
كأس كؤوس العالم في المملكة مناسبة الحج والإعلام الذي نتطلع إليه د. علي بن شويل القرني(*)
|
|
الحج مناسبة كبيرة، وضخمة وهي توازي تنظيم كأس العالم مرات عديدة، فما يحدث خلال هذه الأيام من استعدادات وتجهيزات تفوق بكثير ما تقوم به الدول المضيفة لكأس العالم، بل ما تقوم به المملكة يعادل تنظيم عدة كؤوس مجتمعة في مناسبة واحدة.. ومناسبة الحج هي مناسبة كأس كؤوس العالم.. حيث إن أعداد الحضور المتنامي في مناسبات كأس العالم تصل إلى حوالي ثلاثة ملايين شخص، وحضورهم متفرق بين مناسبات فرعية (مباريات) قد تصل إلى أربعة وستين حدثاً (مباراة).. موزعة خلال أربعة أسابيع على الأقل، وفي مجموعة من المدن في الدولة، بل إن بعض تنظيمات كأس العالم كانت موزعة على أكثر من دولة. أما مناسبتنا السنوية فهي في زمن محدود (خمسة أيام) وفي مكان محدود، إضافة إلى كون حركة الأربعة أو الخمسة ملايين حاج هي في وقت واحد، واتجاه واحد.. وهذا هو تحدٍ كبير.. وهناك اختلاف آخر بين أمثال هذه المناسبات، فمن يأتي إلى كأس العالم يكون من ذوي المعرفة والمقدرة لتتبع واستيعاب إرشادات وتعليمات الدولة المضيفة، أما كثير من الحجاج فهم من شرائح بسيطة ومن ذوي دخل محدود، ومعارفهم محدودة جداً، ولهذا تجد المملكة صعوبة في تمرير الرسائل التوعوية إليهم. وعلى الرغم من وجود هذه المناسبة الكبيرة في بلادنا، وبصفة سنوية كما فرضها الله عز وجل على كل مسلم ومسلمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. إلا أنني أشعر أن المملكة رغم التجهيزات اللوجستية الكبيرة التي تقدمها في جميع الجوانب التنظيمية، إلا أن التغطيات الإعلامية تظل أقل مما ينبغي في هذا الاتجاه.. ومن يتابع كأس العالم والتغطيات الإعلامية لها يجد أن حمى كأس العالم تنتشر ليس فقط في البلد المضيف، بل في كل البلدان، حتى تلك التي لم تحظَ بمشاركة منها.. ولكنا فيما يبدو استكنا إلى نمط تقليدي في التغطية منذ سنوات وعقود.. وما زلنا نراوح في نفس النمطية دون أن نتحرك بقوة نحو آفاق جديدة ترتقي بمثل هذه المناسبات الحيوية. ونحن نعلم بكل تأكيد أن التطور في المضمون والشكل الإعلامي في المملكة هو في تقدم مستمر، وقد شهدنا انفتاحات كبيرة في هذا المجال، ولكن على الرغم من ذلك نحن لم نصل إلى المستوى الذي نتمناه من الصورة الذهنية التي نريد أن نكرسها عنا - دولةً ومؤسساتٍ وأفراداً - من خلال الإعلام.. ومع مرور الوقت لاحظنا أن مفهومنا الإعلامي لهذه المناسبة تقلص أحياناً إلى درجة تصل إلى مجرد التغطيات الحدثية فقط لحركة الحجاج من عرفة إلى مزدلفة إلى منى ثم الحرم المكي.. دون أن نبني صوراً أخرى، وأشكالاً جديدةً ونماذج مستحدثة من التغطية الإعلامية.. نبني منها صورة المملكة في العالم.. كما لم نتمكن كثيراً من سحب تغطيات عالمية واسعة لهذا الحدث بالشكل الذي نتمناه.. وقد تنجح في دقائق معدودة لقمة الحدث يوم عرفات على سبيل المثال، أو برنامج خاص عن مثل هذه المناسبات.. ولكن لم نتمكن حتى الآن من ضخ هذا الحدث كأجندة عالمية تسيطر على مجريات الشأن الإعلامي الدولي.. ولم نتمكن من حقن وسائل الإعلام الدولية بكثير من القصص والحوادث والنشاطات المتنوعة في كل مجالات الناس.. ويجب أن أُشير إلى أنه لا يختلف الكثير على مثل هذا الهدف، ولكن التحدي هو كيف نحقق هذا الهدف على أرض الواقع. ربما لو نسأل سؤالاً عن إعلامنا والحج.. ماذا نجنيه إعلامياً في مناسبات الحج..؟ لو نقوم برصد افتراضي للفوائد التي نكتسبها إعلامياً من هذه الأحداث المتكررة في بلادنا.. سنجد أننا حققنا الكثير، ولكن في ظني أن هناك أموراً أخرى لم نصل إليها حتى الآن.. وهذا ما أقصده من أن التحدي لدينا هو كيف نطور هذه التغطيات إلى الأفضل.. ربما تكون هناك حاجة إلى عقول مشتركة تساعد على بلورة صيغ جديدة تساهم في بناء نموذج عالمي للتغطية الإعلامية لهذه المناسبة.
* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa |
|
|
| |
|