من المفارقات العجيبة أن عدداً كبيراً من صغار السن، لا يجيد التحاور معك، ويخفق في التواصل معك وجهاً لوجه بشكل مباشر، ولكنه محاور جيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويتعاطى مع التقنية ليعبر عن (مشاعره وأحاسيسه) بشكل سريع ومرن!
أحدث الدراسات الإلكترونية تقول إن نحو (اثنين) بين كل (خمسة أطفال) دون سن الثانية سبق أن استخدموا هاتفاً ذكياً أو حاسباً كفياً، (لمشاهدة رسوم متحركة) أو متابعة (مقاطع فيديو) تخص من هم أكبر سناً!
بمعنى أن 38% من الأطفال دون (الثانية) فعلوا أو ما زالوا يفعلون ذلك بشكل متكرر، وقد يتم هذا برعاية الوالدين أيضاً، في المقابل وقبل نحو 48 شهراً لم تتجاوز النسبة 10%، الدراسات تتحدث عن نسب أعلى من ذلك كلما ارتفع بنا العمر، فمثلاً دون سن الثامنة تبلغ نسبة من استخدموا هذه الوسائل نحو 72%، مما يفتح الباب لتساؤلات عدة؟!
هل نحن نعيش عصر (الجيل الرقمي) بالفعل؟ كما يحاول أصحاب هذه الدارسات إقناعنا؟
وبالتالي هل طريقة التربية (للأبناء) في المنزل والمدرسة يجب أن تبقى تقليدية، مع تطور هذه الأجيال شهراً بعد آخر؟!
وبالمناسبة -معلومة عرضية فقط- رفض أستاذاً جامعياً سعودياً (هذا الأسبوع) إطلاق كلمة (أبنائنا) على الطلاب في البيئة الأكاديمية لأنه يحد التفكير النقدي لديهم، وفيه -بحسب رأيه- استخدام لمصطلح في غير محله مما يتسبب في وجود (عائق سلطوي اجتماعي) بين الأستاذ والطالب (لذا جرى التنويه)!
نعود لتساؤلاتنا حول تربيتنا وتعاملانا مع (أبنائنا) الطلاب وغير الطلاب، فهل يجب أن تتغير الطريقة التي تقدم بها المقررات العلمية، وتشرح بها الدروس (بشكل عملي تقني)، وليس عبر التنظير بتطوير المنهج دون خطوات عملية؟!
الحقيقة أن وزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة والإعلام ملزمتان بتغيير أساليب التعامل مع الجيل الجديد من الأبناء والبنات، الذي يعد (جيلاً رقمياً) بامتياز، لأنه يتعاطى مع التقنية طوال الوقت، مما يتطلب مراعاة ذلك في المناهج التعليمية والرسائل التلفزيونية!
بقاء مناهجنا ووسائلنا كما هي دون تكيف مع التغيير التقني الذي يطرأ على المجتمع كل يوم، سيخرج لنا أطفالا لا يتكلمون، صامتون دون مشاعر بسبب الصدمة أو الفجوة الثقافية بينهم وبين (واقعهم غير الرقمي), رغم أنهم يتعاطون مع التقنية باحترافية عالية؟!
وعلى دروب الخير نلتقي