يُقال إن جحا لم يجد حذاءه عندما خرج من المسجد؟! فصرخ في الناس مهدداً ومتوعداً: (أقسم بالله إن لم تحضروا لي حذائي، لأفعل كما فعل أبي)!.
فاندهش مَنْ حوله، وسألوه: وماذا فعل أبوك؟!، فتجاهلهم جحا، وعاد إلى التهديد والوعيد مجدداً: (أحضروا لي حذائي، وإلا سأفعل كما فعل أبي)!.
فخاف الناس وأحضروا له (حذاءً جديداً) ثم سألوه بشغف: هاه، قل لنا يا جحا ماذا فعل أبوك؟!.
فقال جحا وهو يرتدي النّعل الجديد: (عاد إلى بيته حافياً)!.
استطراف جحا كان مقبولاً، خلّدته أشهر كتب العرب في الرقائق واللطائف، برواياتها التي قيل إن مؤلفيها (زادوا العيار) في تخيلاتهم حول قصص وطرائف من سبقونا، واستطرافهم ثم استظرافهم!.
إلا أن (نفراً) من المتأخرين والمعاصرين (عفا الله عنهم), خرجوا بنوع جديد من الطرفة والاستطراف، وهو ما قد يصل إلى حد الاستخفاف و(السماجة) أعاذنا الله وإياكم منها!.
هناك في كل مجال مستطرف متخفٍ، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، تجده شخصاً انتهازياً لمن حوله في الغالب، يحاول أن يُلمع نفسه على حساب الآخرين ومشاعرهم ، يسعى لإظهار الطرفة والفكاهة بإسقاط الكلام والمواقف على الآخرين، ليضحك القوم من نكاته (السمجة) وطرفته الباردة!.
ومثال ذلك (ممثل مسرحي) تراجع كثيرٌ من زملائه الآخرين عن مشاركته مؤخراً، لأنه يستظرف عليهم، ويهمشهم، ويحاول استغلالهم على (خشبة المسرح) لإسقاط بعض العبارات (المخجلة) أثناء العرض من باب الخروج على النص، ليضحك الجمهور ويصبح هو النجم؟!.
وهناك مذيعة (سعودية) تركت برنامجها الصباحي هذا الأسبوع بسبب (زعاق وصراخ) زميلها المستظرف، والذي قلب الأستوديو إلى (حلبة) تهريج عندما أحرجها مع المستمعين بكذبه وادّعائه، لتنسحب وتعلن عبر تويتر أنها استغلت بتمرير مستوى هابط من (النكت اليومية) لشخص فارغ لا يفرّق بين (قلة الأدب والمزح)!.
المستطرف أو المستظرف في (عصرنا الحديث) لا خطوط حمراء لديه في الغالب، لأنه فارغ من (أي ضوابط) أخلاقية أو تربوية يمكن أن تمنعه من (مزحة) أو طرفة في غير محلها، ليبرر فعلته حتى لو كان مسئولاً أو محاضراً أو معلقاً!.
لذا ادع ربك أن لا يُصاب (مديرك) بهذا الداء!.
وعلى دروب الخير نلتقي.