أمطارنا الشمالية لا تأتي غفلة أو صدفة وكل شيء بأمر الله, أيضا حتى جنوبنا الذي يتأثر ببحر العرب والمحيط الهندي والأطلسي مواسم أمطاره معلومة، كما أنه لا تأثيرا كبيرا للمياه المنقولة الخارجية، نظرا لانحدارها إلى التهامات وسواحل البحر الأحمر, وكذلك معظم المرتفعات الجنوبية الغربية تكون انحداراتها إما للبحر الأحمر أو للهضاب الشرقية، وبعض تصريفها خارج الحدود, إذ إن أمطارنا تصبح مصدرا لدول الجوار في معظم حدودنا الجنوبية والشرقية والشمالية.
إذن مياه الأمطار لا تأتي منقولة من دول الجوار ولا مجهولة المكان والزمان، فلماذا تحدث خسائر الأرواح والممتلكات؟!
الأمطار التي نزلت الأسبوع الماضي على غرب وشمال المملكة وتحديدا المدينة المنورة وحائل والقصيم والحدود الشمالية والجوف وأحدثت خسائر في الطرق الدولية وممتلكات المواطنين، جاءت في موسمها إن كان (الوسمي) أو الخريف وسبق أن حذرت الأرصاد العالمية من حزام سحب وتجمع للمزن على المدينة المنورة وحائل والحدود الشمالية لكننا كأجهزة ومواطنين لم نحتط له واستمرت وتيرة الحياة اليومية على الطرق وحركة الرعاة والمزارعين والحركة الاقتصادية اليومية على حالها، بل زاد أن الناس خرجوا من منازلهم للأودية والجبال والهضاب والقيعان وخبوت الأرض وخبوبها لرؤية الزائر الموسمي الذي طال انتظاره, ولمحبة الناس للمطر يدنون منه ويتقاربون معرضين أنفسهم للغرق وانجراف السيول، وهنا لابد من تغطية الطرق التي تربط مناطق المملكة بالتحذيرات وفرق الإنقاذ ولكون الأمطار الأخيرة أثرت على وسط وشمال المملكة فإن الطريق الدولي الذي يربط المملكة بدول بلاد الشام الأردن وسوريا ولبنان وتركيا طريق: الرياض - القصيم - حائل - الجوف (القريات)، والطريق الدولي الثاني الذي يمر عبر الحدود الشمالية ويربط: الرياض - المجمعة - حفر الباطن - رفحاء - عرعر- طريف - القريات. والطرق الأخرى التي تربط المملكة بدول شمال شرق المملكة: الرقعي - الكويت والعراق، وطريق عرعر -جديدة عرعر - العراق. لابد في هذه المواسم تغطيها بالمراقبة والتحذيرات والطوارئ وتعزيزها بعبارات المياه والكباري لضمان استمرار تدفق الأودية ومجاري المياه, وأيضا لحماية الطرق من الانجراف والانهيارات، فأودية شمال المملكة تتميز بأنها ضحلة وسطحية ومنفرشة وقريبة من السطح وليست أخدودية، وتعد أقل خطورة من مياه الجبال والأودية الأخدودية التي تأتي منحدرة ومندفعة، إلا أن ذلك يشكل خطرا في اتساع بطن الوادي وسرعته في غمر المناطق التي يجتازها واتساع أحواضه ومستنقعاته وهنا مكمن الخطورة.