فاصلة:
((الفهم: التفكير، وإدراك الأشياء على حقيقتها))
- حكمة عربية -
تعلمنا في المدارس حينما كنا صغاراً كيف نبغض أعداء الله والإسلام، لكني كنت دائما أتساءل كيف يدعونا الإسلام الى البغض وكثير من تعاليمه تنهى عنه؟!.
وأتذكر قول رسولنا الكريم «لا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا»
وبفهمي القاصر آنذاك كنت أفهم انّ علي ألا ابغض المسلم لكن علي ان أبغض الكافر، ولم أكن أفعل ذلك أبداً ولم أبغض أحداً من خارج ديني أو جنسيتي أو لوني، لكن ظل السؤال في داخلي يبحث عن إجابة، وكنت اتساءل كيف هو الإسلام دين المحبة والسلام للعالم كافة وكيف يدعو لبغض من يخالف هذا الدين؟! فإذا بغضنا من هم خارج ملتنا كيف ندعوهم إليها؟!. حتى وجدت معنى للبغض الذي نهى عنه الإسلام، وفي نفس الوقت طريقة لفهم مشاعري تجاه سلوكيات سلبية تصدر من شخص ما.
وما معنى حديث سيد الخلق «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات»؟
وأدركت أن المكاره هي الأشياء المكروهة، ما تكرهها النفوس، والتي أُكره نفسي عليها ثم أتعود على ممارستها، وبعد سبعة أيام أو واحد وعشرين يوماً حسب نظريات علم النفس تدخل في دائرة الارتياح وأعتاد فعلها،
لكني ما زلت أبحث عن وجود الكراهية والبغض في دين ينهى عنهما.
أدركت ان أي نص ديني عن الكره فهو لا يدعي إلى كره الشخص بل السلوك، ولذلك يحض على قتال أولياء الشيطان، حيث حصر الكراهية في سلوك الضلال وجعلها عملاً شيطانياً.
ولا يدعو للبغض الذي هو عكس الحب ويجمع بين عاطفة سلبية لأشخاص أو سلوكيات، لكن الإسلام ينهى عنه
حتى خدمتني تفاسير علم النفس لطاقة البغض، حيث ان مشاعر البغض طاقة سلبية لا تأتي إلا إذا أصدرنا حكماً سلبياً على شخص ما، حينها تتولد لدينا مشاعر البغض.
وهي محرمة في ديننا لأنني لو ابغضت أياً من عباد الله فلا يمكن ان اتقبل التعامل معه ولا يمكن ان ادعوه للدخول في الإسلام اذا لم يكن مسلماً، وان كان مسلما فبغضه ينتقص من كمال ديني.
إذن البغض في الله هو بغض سلوك البشر وليس البغض الموجه لهم وعداوتهم.
نحن مطالبون ببغض الفعل وليس بغض الانسان مهما كان دينه او جنسيته او اصله.
يقول رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه «دب اليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة
لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين....»
فالنهي عن البغضاء يتفق مع نظريات الحب والسلام، ورسول البشرية اتى بالحب والرفق والسلام فلا يمكن ان يدعو للبغضاء بأي حال من الأحوال حتى لغير المسلمين، فقد كان يعود جاره اليهودي إذا مرض.
إذن لا بغضاء في دين السلام لأي من عباد الله بل سلام مع الجميع لافساح مجال لطاقة السلام ان تقربنا من الآخر فندعوه إلى اعظم الأديان.