* ذهب (الدافور) الذي كان؛ بفعل وسائل تقنية أسرع وأبدع، ولكنه عاد ثانية؛ مع الحالة الدارفورية في (دارفور)، ليحترق بناره طيلة إحدى عشرة سنة؛ قرابة ثمانية ملايين من السودانيين الجوعى، على مرأى ومسمع من كل شعوب وحكام العالم،
هذا العالم الذي يفزع لمساعدة وإنقاذ المنكوبين في حروب ونزاعات كثيرة في كل القارات.. إلا أهل دارفور، فهم لا بواكي لهم..!
* يرجع سبب تسمية (دارفور)؛ إلى قبيلة الفور. ودارفور تعني: موطن الفور، وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم.
* كانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة. حكمها عدد من السلاطين. كان آخرهم وأشهرهم علي دينار. وكان الإقليم يحكم فيدرالياً من قبل زعماء القبائل. ثم مرت دارفور بعدة تقلبات سياسية عبر تاريخها، إلى أن دخلت في نزاع نشب مع بداية فبراير 2003م؛ على خلفيات عرقية وقبلية، وليست دينية كما في حالة حرب الجنوب السوداني؛ لأن جميع قبائل دارفور يدينون بالإسلام.
* يحدّ الإقليم من الشمال ليبيا، ومن الغرب تشاد، ومن الجنوب الغربي أفريقيا الوسطى، ومن الداخل شرقاً؛ يتجاور إقليم دارفور مع أقاليم سودانية مثل بحر الغزال وكردفان والشمالية.
* في عام 1989م، نشب صراع عنيف بين الفور والعرب، وتمت المصالحة في مؤتمر عقد في الفاشر عاصمة الإقليم. ونشب نزاع ثان بين العرب والمساليت غرب دارفور عامي 1998م و2001م، وتم احتواؤه باتفاقية سلام بين الطرفين، وقد فضّل بعض المساليت البقاء في تشاد.
* أحد طرفي الصراع في هذا الإقليم المنكوب؛ يتألف عموماً من قوات حكومية سودانية -حسب ادعاءات البعض- وبشكل رئيسي قوات الجنجاويد، وهي ميليشيا مسلحة، مؤلفة عموماً من بعض بطون القبائل العربية، من البقّارة والرزيقات، وهم عموماً بدو رحّل يرعون الإبل، ويُعتقد أنهم مدعومون من قبل الحكومة السودانية. الطرف الآخر؛ هو يتكون من مجموعات متمردة، أهمها حركة تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة، وينحدرون بشكل كبير من قاطني دارفور غير العرب، من الفور، والزغاوة، والمساليت، ومع أن سياسة السودان تنكر أي دعم لها لمجموعات الجنجاويد، إلا أن الكثير من الدول والمؤسسات الدولية؛ يتهمونها بتوفير الدعم المادي والأسلحة لفرق الجنجاويد، وحتى المشاركة في هجومات ضد القبائل التي تدعم فرق التمرد، ويرى بعض المحللين؛ أن سنوات من قلة الأمطار والتصحر وتزايد السكان، كانت أحد الأسباب الرئيسية لنشوب هذه الأزمة، فالبقّارة في رحلاتهم أثناء بحثهم عن الماء والطعام؛ يضطرون للإغارة على مناطق المجتمعات الزراعية الموجودة في دارفور.
* وفي 6 فبراير 2009م؛ قالت الأمم المتحدة: إن القتال المستمر بين القوات الحكومية السودانية والمتمردين في جنوب دارفور في الأيام السابقة من الشهر؛ تسبب في تشريد ما يزيد على 30 ألف شخص فروا من بيوتهم، خصوصا من منطقتي شعيرية والمهاجرية. كما قال الجيش السوداني إنه استولى على بلدة المهاجرية من متمردي حركة العدل والمساواة، وتتحدث تقارير عربية وأوروبية؛ عن مقتل 300 ألف، وتشريد مليونين وسبعمائة ألف من سكان الإقليم منذ بداية الأزمة سنة 2003م حتى اليوم.
* من صور مأساة دارفور؛ ما تتحدث به منظمات أهلية كثيرة، من أن الجيش السوداني وميليشيات الجنجويد؛ شاركت في عمليات اختطاف استهدفت نساءً وأطفالاً من الناطقين بغير العربية، سواء ممن يتم الإغارة على قراهم أو ممن يعثر عليهم مختبئين في البراري بسبب قصف قراهم، حيث يتم جمعهم وإرسال النساء والفتيات إلى الخرطوم، فيوزعن على بيوت جنود سودانيين، ويتعرضن للاغتصاب أو الزواج عنوة والعمل كخدم في المنازل نهاراً، دون راحة. كما ذكرت الدراسة؛ أن الرجال الذين اختطفوا؛ تم إجبارهم على العمل في مزارع يملكها ويديرها الجنجويد.
* وتقول تقارير أخرى؛ إن القرى التي يتم الإغارة عليها من قبل ميليشيات الجنجويد المدعومة من الحكومة السودانية، تتعرض للتطهير العرقي، حيث يتم قتل عدد من المدنيين، ثم يجلب سكان ناطقين بالعربية للإقامة بتلك القرى، وأن منهم قبائل في دول مجاورة مثل تشاد.
* ورغم أن الحكومة السودانية تنفي رسمياً وجود العبودية فيها، إلا أنها اعترفت بوجود نحو 14.000 حالة اختطاف بين الأعوام 1983م- 2005م، بسبب الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب.
* الجنجويد.. مصطلح سوداني يقولون إنه يعني: (جن يركب جواداً)..! أي رجل على شكل جني يركب جواداً. وآخرون يقولون: بل جني.. (رجل) يحمل مدفعاً رشاشاً جيم3..!
* ونختم بهذه الوقفة مع الشاعر السوداني (نور الدين منان)، الذي يعرض حالة إقليم دارفور المنكوب في صورة حزينة لا تليق بعالم متحضر يدعي أنه يرعى حقوق الإنسان، ثم يغض الطرف عن تصفية عرقية منظمة في دارفور:
محاولة للبكاء.. على صدر طفل محاصر
وأم تناوشها الجنجويد.. وبعض الزناة العساكر
وشعب يبول على رأسه كل فاجر..
ويذبح بالخوف قبل الخناجر
ويعرض للبيع
لا يشتريه زبون وتاجر..
سلام على وطن ليس فيه
كبير يفاخر
و(يقدل) فيه
ويهتف ملء الحناجر
ويزحم بالحب كل المنابر