لا راحة تتحقق لإنسان لا يعتمد في حياته على الصراحة، مبتعداً عن الوقاحة.
الصراحة : أن تبدي رأيك بكل وضوح وصدق، مراعيا في ذلك مشاعر المستقبل والمتلقي. بينما الوقاحة عدم المبالاة بمشاعر المتلقي والمستقبل،
وربما تستخدم ألفاظ بذيئة وعبارات جارحة ومؤذية بدعوى أنك صريح غير مبال بإيذاء البشر.
الصراحة تهب ذهنك الهدوء الممتد والاستقرار الدائم؛ ذلك لأنك عندما تجامل فوق طاقتك البشرية, وتمرر الأخطاء في حقك من فلان أو فلانة فإن الذي يحدث هو تراكم الحزن بداخلكم منهم، وتكوَّم الألم بمقدار قد تنوء بحمله أكتافك مع مرور الزمن وتكاثر الحزن والألم.
أحيانا يمنعنا الحياء من أن نكون صرحاء. وأحيانا حب الشخص لنا أو حبنا له يحول دون صراحتنا. كما وللقرابة دور في أن نؤجل صراحتنا معهم. أشياء كثيرة وأسباب عدة تقف بيننا وبين إفشاء الصراحة أو العمل والتعامل بها حتى نوشك أن نصبح قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة من لحظات حياتنا، بالتالي ينتج عن هذا الانفجار فقدان من راعيناهم بكتم الصراحة من أحباب وأقرباء وأصحاب وزملاء. لذا ينبغي علينا تفعيل الصراحة من غير وقاحة لنكون كالذي يغتسل من درنه كل يوم فلا يبيت وعليه درن يقلقه.
عندما لا نُصارح الفرد بالذي آلمنا منه، أو لا نواجهه بما جرحنا به، فإنه وقتها قد لا يعلم أن شيئا ما منه قد جرحنا أو آلمنا، أو لا يدرك أن هذا الشيء يؤلمنا وذاك يجرحنا, بالتالي سيبقى عليه ولن يتركه. حيث إن ما يؤلم شخصا ليس بالضرورة أنه يؤلم الشخص الآخر والأمر نفسه ينطبق على الأشياء الجارحة لفرد لا يفترض أنها تجرح جميع الأفراد. إذاً كيف يعرف فلان أنك تألمت منه أو انجرحت إذا لم تصارحه وتبدي له ما يشعره بأثر فعله عليك!!.
نعم بعض الجروح يدركها الجارح والمجروح بينما بعضها لا يدركها الجارح ما لم ننوه له.
الصريح من غير قبح يرتاح كثيراً في حياته، في علاقته، ومع نفسه.
الصريح من غير قبح شخص متصالح مع ذاته تصالحا مكّنه من التصالح مع الناس من حوله أقرباء منه أو غرباء.
ما من إنسان لا يهتم باستقراره النفسي، لكن الاهتمام وحده لا يكفي ما لم يعمل على تحقيق هذا الاستقرار بمعرفة أسبابه ووسائله، ويلي المعرفة العمل والتنفيذ.
الصراحه استقرار وتوازن واتزان بينما الوقاحة تخبط وتطفيف وعشوائية سلوك وتعاملات.
في أمر الصراحة أعجبني رأي قراته أن الصراحة لا تمنحك الكثير من الأصدقاء لكنها تعطيك أفضلهم. بالتالي فأنا أحسب حساب الكيف من الأصدقاء على الكم عملا ثقة بقول الشاعر:
وَمَا أَكْثَرَ الْإِخْوَانَ حِينَ تَعُدُّهُمْ
وَلَكِنَّهُمْ فِي النَّائِبَاتِ قَلِيلُ