عمر إبراهيم الرشيد
كنت قد كتبت هنا من قبل أعزي أخي حمود بن صالح العتيق وأسرته وإخوانه كافة، وأعزي نفسي بفقد ابنه عبد الرحمن قبل ثلاثة أشهر، جمعه الله بوالديه وأهله وأحبابه في الفردوس، فإذا بي أكتب مرة أخرى معزياً ومواسياً أخي حمود والأسرة والأهلين كافة برحيل كريمته إلى جوار الرحمن الرحيم.
رحيل يغبطها عليه من يتمنى أجرها وشهادتها ومكانتها عند خالقها، وليس هذا كلاماً منمقاً للمواساة، إذ رحلت وهي مبطونة ظلت تعاني مرضها العضال في صمت وهدوء، ورحلت وفي بطنها جنين، في موسم رحمة وفي العشر الأوائل من رمضان.
ألم يبشر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم المبطون بالشهادة، فهنيئاً لها بهذا الرحيل، وإلا فالموت واحد وكلنا سائرون في هذا الطريق، جمعها ووالديها وأهلها وأحبابها في الفردوس، إنه جواد كريم. لقد قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لصحابته الكرام حين مدحوا ميتاً مرت جنازته (وجبت، أنتم شهداء الله في الأرض) أو كما ورد نص حديثه عليه الصلاة والسلام، هذه المرأة التي فجعت حائل برحيلها بعد شقيقها بثلاثة أشهر ظلت الألسن الغفيرة تلهج بالدعاء لها بالرحمة وجنات النعيم، كل هذا وما رحلت عليه من مرض وحمل لجنينها بشائر تبرد أكباد والديها وذويها بأنها رحلت إلى دار خير من هذه الدار الفانية وإلى رحمات وفضل من والي الأقدار.
إن الرؤى جزء من النبوة، ونافذة يكشف الله بها عن شيء من الغيب، وما حصل لبعض ذويها من رؤى تبشر عن حالها وإشارات رحمة من أرحم الراحمين.
عدا عن ترديدها للشهادة باطمئنان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)، فلله الحمد والمنة على واسع فضله ورحمته.
وإني إذ أواسيك أخي أبو ياسر، فلعلّي أذكرك بأنه على قدر الإيمان يكون البلاء، وان الله إذا أحب قوماً ابتلاهم كما ورد، فأبشر بالأجر العظيم على صبركم أجمعين وتسليمكم بقضاء الله، وهي بشارة بلقاء أبنائك في جنات الخلد بمشيئة الرحمن الرحيم.
إنك بجلَدك وصبرك واحتسابك ورضاك بقضاء الله، تعلمنا هذه القيم كيف تكون، نتعلم منك كيف يكون الصبر والتسليم للعزيز القدير، أنت وأبناؤك الرجال المقتفون لأثرك، وإخوانك وذووك، أسرة لها تاريخها ورجالها المشهود لهم في درة الجبلين.
أجزل الله لك الثواب أخي أبو ياسر ولأبنائك وذويك أجمعين في هذا الشهر الفضيل وجمعكم بمن رحلوا ووالديك في جنات الخلد وملك لا يبلى.