سعد الدوسري
كان يمشي متبختراً في بهو من المرمر الأبيض اللامع،
مرتدياً ملابسَ زاهية الألوان،
والعطور تفوحُ منه حيث مشى.
يقف في مواجهة كل نافذة من نوافذ القصر المطل على البحر من جهة، وعلى الغابة الخضراء من جهة.
يطلُّ بوجهه النوراني، وكأنه يبحث عن شيء ما.
- عما تبحث أيها العيد؟!
- أبحث عن أقواس النور التي سأستقلها لهم.
- لهم؟! لمن؟!
- لكل الأطفال الذين ينتظرونني.
- أتتركنا من أجل أطفال؟! تترك هذا القصر، وهذه المملكة، من أجل أطفال؟!
تأخذه النافذة الأولى إلى نافذة ثانية، وفي عينية لهفةُ المنتظر.
- هذا القصر وهذه المملكة، لم تكن لتكون، لولا فرحة الأطفال. هم الذين شيّدوا لي هذا البناء الشامخ المهيب. هم الذين صنعوا هذه المملكة التي يحيطها البحر والنخيل والشجر. هم وضعوني هنا، كي أظلَّ زاهياً مشرقاً فواحاً بالورد وبالأناشيد.
- ولِمَ يفعلون ذلك؟!
- لكي آتيهم حينما يشاءون، وأحيلُ حياتهم إلى فرحٍ غامر.
- أنت تأتي على كل حال، شاءوا أم لم يشاءوا.
- هذا صحيح. لكن قدومي قد لا يكون قدوم فرح. قد أحل على أقوام يحارب بعضهم بعضاً، ويشرِّد بعضهم بعضاً، ويجوِّع بعضهم بعضاً.
- أنت إذاً متلهف للأطفال الذين ينتظرونك بفرح.
- أجل.
- وهل بإمكانك أن تنثر بعضاً من هذا الفرح على أطفال أقوام الحرب والتشريد والجوع، فهؤلاء لا ذنب لهم.
- أنا أفعل ذلك كلَّ عيد، لكن المتحاربين يغتالون ببنادقهم ما أنثره على أطفالهم.