زكية إبراهيم الحجي
التشكيك في قدرة المملكة العربية السعودية على إدارة حدث إسلامي عظيم كموسم الحج ليس أمراً جديداً.. بل إنه نهج متكرر يُزايد عليه خصومٌ ورعاعٌ يتقنون منطق المزايدة، ورغم ذلك كله تظل السعودية الجواد الرابح.. تُحقق نجاحات سياسية وعسكرية وأمنية متلاحقة في ملفاتها الداخلية والإقليمية، ما تسبب في موجة غضب عارمة لدى الخصوم، وأبرزهم دولة المجوس إيران ووليها خامنئي وأتباعه.
تصاعد وتيرة هجوم طهران للرياض أتت عقب الانتصارات المتلاحقة ونجاح التحالف العربي بقيادة السعودية في دحر الحوثيين وتحجيم نفوذ إيران في المنطقة ويستمر الهجوم الممزوج بالطائفية والطموحات الإقليمية والهلوسة التاريخية، ليبلغ ذروته في موسم حج هذا العام حيث «الطبع يغلب التّطبع» كما قالت العرب.. وكما قال الشاعر:
كلُّ العداواتِ قد تُرجى مودتُها
إلا عداوة من عاداك في الدين
فما أن أعلنت المملكة العربية السعودية عن وفاة 717 حاجاً وإصابة 836 حاجاً، ومن بينهم عدد من الحجاج الإيرانيين جراء تدافعهم في مشعر منى حتى حمَّل النظام الصفوي الإيراني بدءاً من مرشده «علي خامئني»، مروراً برئيسه «روحاني» وصولاً بخطيب الجمعة في طهران، حمّلوا المملكة مسؤولية ما حدث.. وبالطبع لم يبخل الرافضي المعمم حسن نصر الله من تأييد ومساندة فقيهه الأعلى في موقفه والسير على نهجه في تحميل السعودية مسؤولية ما حدث في مشعر منى.
حملة مسعورة من حقد وكراهية تنطق بها وجوه ملالي طهران قبل ألسنتهم ضد المملكة العربية السعودية وقيادتها، ظناً من هؤلاء الأقزام أن حادث التدافع في مشعر منى.. فرصة سانحة للتطاول على المملكة التي أخذت على عاتقها بكل فخر واعتزاز خدمة ورعاية ضيوف الرحمن، عاماً بعد عام وأنها تتشرف وتسعد بتلك الخدمة.
هزيمة إيران في تحقيق حلم التمدد الجغرافي في المنطقة ودحر تواجد حلفائها في اليمن من قبل عاصفة الحزم، جعلها تُوظف حادثة الحج لمهاجمة السعودية والتشكيك في قدراتها التنظيمية.. واتهام المسئولين السعوديين بسوء الإدارة وعدم الكفاءة.. انتقادات إيران الهجومية لم تتوقف عند هذا الحد، بل إن منابر الجمعة كان لها نصيب من هذا الهجوم، فأحد الخطباء طالب بمحاكمة السعودية في المحكمة الدولية، متهماً إياها وعلى حد تعبيره بأنها ليست أهلاً لإدارة الحج.. فتباً لهم وبئس ما يطالبون به.
اتهامات تُعبّر عن حقد دفين.. فالمملكة العربية السعودية لا يمكن أن تقلل من قيمة ما حدث في مشعر منى إنسانياً، لكنها ترفض رفضاً تاماً تداخل الشعائر الدينية بصراعات ذات أبعاد سياسية، كونه لم يكن الحادث الوحيد في ذاكرة الحج، لكن النظام الإيراني عمل على تغذيته لأنه حدث وسط معمعة عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد وكلاء إيران في اليمن، وضد توجهات إيران التوسعية في المنطقة.
أبواق الدعاية الصفوية تحاول، وبأي ذريعة استعراض مشاعر العداء للسعودية، وهذه الحملة المسعورة ما هي إلا انعكاس لكل ما تحمله الذاكرة الفارسية من أحقاد.. والمملكة العربية السعودية مع حزنها وتألمُّها لما حدث في موسم حج هذا العام، إلا أنها لا تقبل بأي شكل من الأشكال المزايدة أو التّشفي من خصوم ورعاع.