زكية إبراهيم الحجي
يحوم حولها الخطر ولا نبالي.. ومأزقنا يكمن أن أبناءنا يعيشون في زمن تبعثرت فيه الحدود بين مختلف الثقافات.. وأصبح الانفراد بالتكنولوجيا متوافراً في منازلنا وبين أبنائنا صغاراً وكباراً بلا حدود أو رقابة.. يتسلل العنف بصمت وبرضانا إلى المنازل حيث الأبناء غارقون كذويهم في اللهو رغم خطورة الوضع وباعتراف الكثير منهم..
فهلا أدركنا أن من يحمل الفأس والحجر بعين الشر والحسد ثم يمضي في درب الشقاء ليفتك قابيل بأخيه هابيل.. إنما هو نتاج فصول حرب على الإنسان آلته ألعاب إلكترونية صُنعت بكل خبثٍ ودهاء لتكون كما يريدون تغزو وتستعمر عقول الأطفال والشباب وتبث السم الزعاف
* مجموعة شباب ومراهقين يقضون ساعات وهم يلعبون ألعاب»بلاي ستيشن»
* يا أبنائي: لماذا هذا العنف في اللعب.. قتل.. تفجير.. تدمير
* يا عم: هكذا سيكون مصير الحضارة عندما تفشل الدبلوماسية
هكذا يُرسم مصير الحضارة بأنامل جيل المستقبل.. فهل نرضى بالحصاد.. نحن أمام ظاهرة مخيفة وهم هكذا يريدون.. لكن الأهم ماذا نريد نحن؟ وماذا نفعل لتحويل ما نريده إلى واقع لدرء الخطر المحدق بالطفل والمراهق والشاب.. وتقديم ما هو مفيد وممتع لهم دون أن يمسهم أذى تلك الثقافات التي لوثت حتى الهواء الذي يتنفسونه.. أنا لا أتحدث عن عدو بعيد عنا.. وإنما أتحدث عن عدو نشتريه بأموالنا وندخله بيوتنا فيصبح بين أيدينا وأيدي أبنائنا ونتفاخر بذلك دون إدراك لمدى خطورته.. لعبة البلاي ستيشن لعبة سيئة السمعة تحمل بين طياتها فدادين المخاطر ابتكرت بدعوى الترفيه والمتعة وإثارة الذهن.. لكنها جناية كبرى على أبنائنا من حيث لا نعلم.
نحن مستهدفون حتى لفكر أطفالنا وشبابنا وهنا مكمن الخطر اللعبة لا تُلعب من أجل اللعب بل تلعب لتنمية الغرائز والتدرب على مهارات تفتك بحياة الآخرين هي لعبة إفساد واقعية الطفل بتربيته على عالم الأوهام والأشياء المستحيلة التي لا وجود لها في عالم الواقع بل تربيته على العنف والإجرام والاستمتاع بالقتل وإزهاق الأرواح.. وما يؤسف له أن الأسر والأهل في مجتمعنا تأخذ مفردة «ألعاب» بعين الاستهتار وعدم المبالاة.
براءة أطفالنا وعقول شبابنا تغتصب أمام أعيننا وبمساعدتنا وبأموالنا أيضاً.. ويقيني التام بأنه حتى لو صودرت جميع أشرطة هذه اللعبة أو عُمِل حظر عليها في الإنترنت فإن الأمر سيكون متأخراً في ظل تزايد عمليات إرهاب ينفذها شباب غُسِلت أدمغتهم فراحوا يمارسون أشد أنواع العنف تطرفاً في التاريخ المعاصر.
والحقيقة التي لا مراء فيها أنه لا يمكن إغفال أو تجاهل التقدم والتطور الذي يحدث في وسائل الإعلام المختلفة بما في ذلك الإنترنت وما يحمله من ألعاب إلكترونية منوعة.. وأن جيل اليوم يمتلك مهارات متقدمة في استخدامها بدرجة تفوق الآباء والأمهات إلا أن ذلك لا يعفي الأسرة من مسؤولية المراقبة غير المباشرة مع التحذير والتوعية المستمرة.. وعلينا أن نتأكد بأن وسائل الإعلام على اختلافها وتنوعها وما يطرأ عليها من تحديث وتجديد ما هي إلا مدرسة جديدة يتعلم فيها أبناؤنا أموراً تؤثر على تشكيل شخصياتهم وسلوكياتهم وتحديد أفكارهم واتجاهاتهم كل ذلك يتم بعيداً عن عين الوالدين وبدون رقابة أو إرشاد.
قضية شائكة وخطر عظيم يهدد الأسرة والمجتمع.. ومع ذلك تبقى الأسرة الجهة الأولى التي يجب عليها حماية الأبناء من هذا الخطر.