موضي الزهراني
بعد نهاية حلقة (التخطيط الإستراتيجي) التي نفذتها المُدربة المتميزة «هيفاء المطيري» في القسم النسوي بمعهد الإدارة العامة بالرياض، تأكدت بأن الكثير منا يعيش حياته من دون تخطيط مسبق، وهذا الغالب للأسف على المستوى الشخصي والعملي! لذلك لا تستغربوا عندما يواجهنا الفشل في تحقيق أحلام كثيرة مادام الوصول لها كان خاضعاً للعشوائية! فالمفهوم البسيط للتخطيط هو: «تحديد ما الذي تريد أن تحققه مستقبلاً، واختيار الطرق والوسائل التي تؤدي إلى تحقيق ذلك» وهذا المفهوم على المستوى الشخصي، فالكثير غير مؤيد أو مقتنع به بسبب أن التوكل على الله هو خير الطرق لتحقيق ما يريد، والاعتماد السلبي على ما يحدث في المستقبل بدون جهد ملموس منه! ونحن ولله الحمد مؤمنون بأن خالقنا سبحانه وتعالى المُسير لأمورنا، وهذا لا نقاش فيه، ولكن في نفس الوقت ديننا الإسلامي يطالبنا بالإتقان في العمل وربطه بالعبادة، لا نقف مكتوفي الأيدي بدون إبداع لتحقيق ما نريد لكي نختصر مسافات طويلة من الجهد والمتاعب التي تواجهنا خلال محاولة الوصول لما نريد! وهذا يدفعني للحديث على مستوى المنظمات وما يحدث فيها من تغيرات جذرية لمجرد تغير القادة فيها، وهذا قد يكون دليلاً على أن تلك المنظمة لم تكن سابقاً تؤمن «بالتخطيط الاستراتيجي»، مما أضاع عليها وعلى العاملين فيها والمستفيدين من خدماتها فرصاً عظيمة لكي تكون في مصاف المنظمات المشهود لها بالكفاءة والجودة في تقديم خدماتها.
وهذا النوع من التخطيط يعرفه جون بريسون (1995) بأنه الجهد المنظم لصناعة قرارات جوهرية تشكل المنظمة وتحقق لها أفضل النتائج، من خلال مكونات أساسية تتمثل في (الرسالة، الرؤية المستقبلية والمدة الزمنية لتحقيقها ما بين الثلاث والخمس سنوات، وتقرير العمل الذي سيقوم به العاملون بهذه المنظمة لتحقيق هذه الأهداف) فالتخطيط عبارة عن رسم مستقبلي لما تريد هذه المنظمة تحقيقه لخدمة مستفيديها منها بدون عقبات أو صعوبات! فالمنظمة التي لا تعتمد التخطيط في تنفيذ خدماتها فلا نجاح متوقع لها، بل سيكون التراجع هو مصيرها! ولو نزلنا للواقع المعاش حالياً لبعض الوزارات ذات العلاقة المُباشرة بالجمهور لنجدها تقدم خدماتها بدون خطة استراتيجية تقوم على (الرسالة، الرؤية، والخطط البديلة، وخطط الطوارئ) وان وجدت فهي غير واضحة أو مفهومة، والدليل ان بعض المنظمات مع تغير قادتها السابقين تتغير سياستها الحالية عاجلاً وآليات تنفيذها لخدماتها، وأسلوب تعاملها مع الفئة المستفيدة منها، وإلغائها للقرارات القديمة التي قد تكون فعلاً فاشلة، لأنها لم تنطلق من أهمية التخطيط الصحيح! وهذا بلاشك يترتب عليه أيضاً تغييرات جذرية في الطاقم الوظيفي لتلك المنظمة، مما سيستهلك من الطاقم الجديد الجهد الكبير لإنعاش ما سبق، ويلغي جهوداً سابقة لتلك المنظمة لأنها ستبدأ من القاعدة وليس من منتصف الطريق! مما يؤكد على أن غياب التخطيط الإستراتيجي في كثير من المنظمات يتسبب في إهدار ميزانية الدولة ويسيء لاستقرارها الاقتصادي ويحتاج إلى سياسة قوية مع جميع المنظمات الحكومية.