ناصر الصِرامي
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر تعيين أول سعودية في منصب دبلوماسي رفيع، مرتبة قنصل، قبل أن ينتقل الخبر إلى المواقع الإلكترونية وبعض الصحف. طبعاً من الملاحظ أن مواقع التواصل الاجتماعي وشبكاتها أصبحت مصدراً لطرف الخبر، ومن ثم تأخذه الوسائل الإعلامية عبر مواقعها أو مطبوعاتها لبحث تفاصيله، أو أحياناً نقله كما هو مع إضافة مقدمة أو خلفية للخبر، عموماً هذا الجانب المهني هو موضوع آخر، ليس مجال اهتمام المقال، لكنها ملاحظة مهنية للتذكير!
طبعاً في الغالب يقرأ المتصفحون لمواقع التواصل الاجتماعي العناوين، ولا يلتفتون إلاّ نادراً لرابط الخبر أو أصل المادة المنشورة ومحتواها وتفاصيلها، ثم يحدث أن يتحول الموضوع إلى جدل من العنوان فقط دون التفاصيل، وهو أمر يحدث باستمرار، حتى وإن كان العنوان بغرض الإثارة والجذب، أو بصياغة صحفية رديئة.
أو بنفس الطريقة التي قد يتسرّع فيها البعض من اتخاذ موقف ما بسبب عنوان المقال، دون أن نصل لكامل المعلومة التي توضح أنّ السعودية التي عُينت في منصب هو الأول من نوعه لامرأة سعودية كقنصل، هي في الحقيقة تحمله كمنصب فخري ليس إلاّ.
بل والأهم من ذلك - أيضاً - أنّ المواطنة السعودية لا تمثل بلدها، وإنما جزيرة صغيرة في عرض البحر يصعب التعرف عليها حتى عبر (قوقل ارث!) -
فهي تمثل سانت لوسيا ، وهي دولة جزيرة في شرق البحر الكاريبي على حدوده مع المحيط الأطلسي، وتغطي مساحة 620 كم2 ويقدّر عدد سكانها بنحو 173.765 ، إلا أنّ الميزة الوحيدة لهذه الدولة، حصول اثنين من مواطنيها على جائزة نوبل ولست متأكداً في أي مجال تحديداً..!
وفي التفاصيل ، «.. بدأت الأستاذة هلا بنت وليد الجفالي التي تعتبر أول امرأة سعودية تتقلّد منصب قنصل فخري في المملكة، ممارسة مهام وظيفتها الجديدة، وذلك بعد أن عينتها حكومة دولة «سانت لوسيا» قنصلاً فخرياً لها في جدة».
وباشر القنصل الفخري العمل بمكتبها مطلع هذا الشهر «نوفمبر»، وبدأ المكتب في الترتيب لورشة عمل مع وكلاء السفر وشركات الطيران العاملة في المملكة العربية السعودية؛ حيث تمتد أنشطة المكتب أيضًا إلى فتح آفاق الاستثمار وتطوير الأعمال بين المملكة وسانت لوسيا.
بصراحة ومع كل التوفيق للأستاذة هلا ، إلا أن عنوان الخبر مصيدة لمن يقرأ العناوين فقط، - وما أكثرهم -، وعنوان الخبر السار، يخالف مضمونه المحدود بعمل فخري، إضافة إلى تمثيل سعودية لبلد آخر، بلد صغير في ركن ما من الكرة الأرضية كاعتراف لها بتأهيل الدبلوماسي - ولوشكلياً -، فيما أثق أنّ مثلها العشرات والمئات من بنات بلدي القديرات والمؤهلات للدخول في العمل الدبلوماسي في قمة مناصبه لتمثيل وطنهن.
الأمر الإيجابي في الخبر أنه يكسر التابوهات التقليدية، التي جعلت وجود امرأة سعودية في منصب قنصل أو نائب لسفير أو سفيرة، نوعاً من أنواع المستحيلات والمحرّمات.
لا نحتاج للعودة للديبجات التقليدية في الثناء وشرح إمكانية المرأة السعودية وتأهيلها وقدرتها على العمل والإنجاز والنجاح والتفوق، فالشواهد أصبحت قصصاً يومية.
إلاّ أنّ المهم ألاّ تتوقف المبادرات، ويتواصل الدعم للمرأة السعودية التي دخلت مؤخراً للترشيح في المجالس البلدية والانتخاب، ناهيك عن كل الجوانب الأخرى في مختلف المستويات العلمية والعملية.
ولا شك أنّ إتاحة الفرصة لتمثل بلدها بشكل أوسع سيثبت إلى أي مدى يمكن لها أن تحقق نجاحات لا حدود لها في مسيرة وطنها اجتماعياً واقتصادياً وحضارياً، وسياسياً بشكل فاعل ورئيس، وليس مجرد تمثيل فخري أو شكلي..