فوزية الجار الله
تحاشيت كثيراً الكتابة عن موضوع «داعش» لولا الأحداث الإرهابية الأخيرة في باريس، والذي كان من تداعياتها خبر قرأته عن قيام فرنسا بهجمات على بعض المناطق في سوريا رداً على القائمين بتلك الاعتداءات.
منذ اليوم الأول الذي سمعت فيه عن «داعش» وأنا في حالة رفض داخلي شديد لذلك المسمى وما يعنيه وما يمثّله، الأمر لا يحتاج إلى تفكير عميق أو تحليل «خاصة في بداية الظهور المفاجئ لداعش» فقط بمجرد استقراء بسيط لما ينشر من أخبار ومعلومات حول تلك المسماة داعش هذا يكفي لمعرفة الموضوع بأكمله، كان ظهور داعش مثلما الكمأة في الصحراء، بل هي كالنبتة الشيطانية المفاجئة القادمة، هي الخطر القادم من مجهول نعلمه ومعلوم نخافه، ما بين صورة خفية وأخرى ظاهرة، هم مثلما كائنات الظلام وإن أظهروا أنفسهم للعيان إلا أن أعمالهم غالباً تأتي بشكل غادر مفاجئ، وقد رافق ظهورهم المفاجئ السريع منذ البداية حملة إعلامية شديدة، نشطة شملت كافة وسائل الإعلام بغرض تكريسهم في الأذهان باعتبارهم حقيقة ماثلة للعيان، باعتبارهم جماعة قادمة لتشكيل دولة تدعي بأنها إسلامية، والإسلام بريء منها ومن أفعالها تماماً.. وهناك الكثير من الأدلة المحيطة والتي تجعلني والكثيرين ممن يشاركونني الرأي نتشكك في أصل داعش، طبيعتها وهويتها وأهدافها:
أول هذه الأدلة ظهورها المفاجئ، ثانياً: قيامها بأعمال لا يمكن أن تكون من مبادئ أو من فروض الإسلام أو من تلك الحدود المتبعة حسب القرآن والسنة، على سبيل المثال: قتل رجل دهساً تحت دبابة بسبب خطأ ما، تراه كبيراً حسب مبادئها المشبوهة، الإلقاء برجل آخر لمعصية ما في هوة سحيقة في الصحراء أو قتل طبيبة أسنان فقط لأنها تعالج الرجال، أو سبي النساء واتخاذهن جواري مملوكات. المؤلم جداً في الأمر أن الكثير ممن هم حولنا، ليسوا من عامة الناس وحسب، بل كتاباً ومثقفين اعتقدوا تماماً بأن داعش حقيقة موجودة وأنهم هم ذاتهم المتدينون المتطرفون لدينا، بعضهم قال هم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعضهم الآخر رأى بأنهم هم ذاتهم الإخوان.. وبعضهم تمادى كثيراً بحيث أصبح يسمي كل إنسان شديد الالتزام والتدين رجلاً أو امرأة بأنه داعشي، وهذا أمر خطير، إننا حين نفعل ذلك نفتح أبوابنا على مصراعيها للأعداء لاقتحام مجتمعاتنا وتفتيشها ومحاكمتها تحت ذريعة التخلص من الدواعش، وحين أقول ذلك فلست أناقض الحقائق وإنما أدعو إلى مزيد من العقلانية في النظر إلى الأمور، فهل ما تفعله داعش هو الإسلام الحقيقي؟! الإجابة يهتف بها كل حكيم عاقل بصوت عالٍ: لا وألف لا! توقفوا عن نعت بعضكم بعضاً بالدواعش، لا تتبنوا مصطلحاً غريباً وافداً الهدف منه تخريب أوطانكم.. يكثر الحديث عن أهداف داعش لكن يأتي على رأس القائمة هدف رئيسي واحد يبدو واضحاً للعيان الهدف من داعش أولاً وأخيراً: تشويه صورة الإسلام.