جاسر عبدالعزيز الجاسر
قياساً لحجم الانتهاكات والخروقات المتواصلة للمواثيق والاتفاقيات الدولية لا يضاهي الكيان الإسرائيلي في نسبة هذه الانتهاكات إلا نظام ملالي إيران، والذي يكاد يتخطى ممارسات الإسرائيليين في قمعهم للشعب الفلسطيني، إذ إن النظام الإيراني يمارس الاضطهاد للشعوب التي ضمت أراضيها قسراً للكيان الإيراني، حيث يعاني العرب في إقليم الأحواز والأكراد والبلوش والأذريين والتركمان أشد أنواع التنكيل والقمع والذي تعدى إيذاء الإنسان والعباد إلى تدمير البيئة من أرض وشجر ومياه.. وانتهج نظام ملالي إيران أسلوباً عقابياً وانتقامياً للمواطنين العرب في إقليم الأحواز الذي ضم قسراً عام 1925م.
وقد كشف رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز حبيب جبر الكعبي في ندوة عقدت في مجلس العموم البريطاني بلندن مساء الاثنين عن الانتهاكات الفارسية ومنها التلوث والتصحر اللذان يستعملهما نظام ملالي طهران لمعاقبة المواطنين العرب المطالبين بالاستقلال والتحرر من الهيمنة الفارسية.. وقد أدت التجاوزات المتعمدة التي يقوم بها النظام الإيراني في الأحواز إلى تحويل الأحواز إلى واحدة من أشد المناطق في العالم تلوثاً، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية والذي تسبب في أضرار بالغة على السكان العرب من أبناء الإقليم الذين ارتفعت بينهم معدلات الإصابة بالأمراض التنفسية والجلدية والسرطانية.. فبالإضافة تحويل المجاري الطبيعية للأنهار التي تمر بالمدن والقرى الأحوازية وصب مياه الصرف الصحي والمجاري غير المعالجة فيها مما سبب جملة من الأمراض الخطيرة، وزاد من معاناة أهالي الأحواز إطلاق الحكومة الإيرانية في طهران بشكل دوري ومتعمد للفيضانات بهدف تدمير البنى التحتية للقرى والمدن العربية في إقليم الأحواز وأراضيهم الخصبة، لإجبار السكان العرب الأصليين من فلاحين ومزارعين للتخلي عن أراضيهم وجعلهم يتركونها ويهاجرون إلى المدن لرفع معدلات البطالة والفقر الذي تزداد وتيرته بعد الإجراءات القسرية للنظام الذي يجمع بين القمع وتقليص فرص العمل وتدمير البيئة التي جمعت بين تحويل مجرى الأنهار وتحويلها وضخها إلى الداخل الإيراني نحو مناطق الفرس.
وزاد من حالات التدمير البيئي وجعل إقليم الأحواز من المناطق الخطرة والمضرة جداً لحياة الإنسان تحويله إلى موقع لمكبّ وتخزين المواد الكيماوية والبيولوجية وغيرها من العناصر المؤشرة من مخلفات الحرب الإيرانية العراقية التي اكتفت الحكومة الإيرانية بدفنها وتخزينها في أراضي إقليم الأحواز العربي دون أيّ إجراءات لمعالجتها مما تسبب في تفشي الأمراض السرطانية والجلدية والتنفسية، وزاد من تفاقم المشكلة ضعف وفقر المنشآت الصحية وقلة الكوادر المتخصصة والتجهيزات الطبية.
كلُّ هذه الإجراءات التي يقوم بها نظام ملالي طهران حول إقليم الأحواز الذي يقيم فيه المواطنون العرب إلى إقليمٍ منكوبٍ صحياً وبيئياً ومحرومٍ من أبسط مقومات الحياة والتي يفترض على حكومة طهران توفيرها لأهالي الأحواز، والذي يعد مخزن الثروات الطبيعية وخاصة النفط والغاز والمياه، مما جعله المساهم الرئيس في الاقتصاد الإيراني.. إذ يشكل إسهام إقليم الأحواز في هذا الاقتصاد من 80 إلى 90 بالمئة، ونسبة 33 بالمئة من كمية المياه، ومع هذا يعاني المقيمون فيه من أهالي الإقليم من الحرمان من الخدمات الصحية والحفاظ على البيئة، بالإضافة إلى القمع والقهر اليومي الذي وصل إلى حد حرمانهم من التحدث بلغتهم العربية، وعدم إقامة المساجد لأهل السنّة.. كلُّ هذا ولا أحد يتحدث عن معاناة العرب في إيران..!!.