جاسر عبدالعزيز الجاسر
يأمل الفرنسيون ومنهم الباريسيون، أن يشكل عقد مؤتمر الأمم المتحدة في باريس، الذي يعد قمة أممية للمناخ الكوني، بداية مرحلة التعافي بعد أن نكبت باريس بموجة من الهجمات الإرهابية.
فالباريسيون الذين أرعبتهم الهجمات الإجرامية للإرهابيين، وحاصرت حياتهم حيث فرضت عليهم البقاء في منازلهم، فرحون جداً باستقبال مدينتهم اليوم قرابة الخمسين ألفاً، من بينهم 150 رئيس دولة وحكومة، والعديد من الوزراء وكبار المسؤولين في الدول للمشاركة في قمة المناخ الكوني، ومع أنه يشكل أعباء أمنية إضافية على الفرنسيين، إلا أنهم يرون في استضافة باريس للقمة استعادة لدورها الحضاري كمدينة تستقطب الاجتماعات الدولية ولا تتأثر بالأعمال الإرهابية، والمؤتمر فعلاً يضيف أعباء كبيرة وكبيرة جداً على الأجهزة الأمنية في باريس وهي التي لم تتعافَ بعد من جراح العمليات الإرهابية التي هزت العاصمة قبل أسبوعين. فهذا المؤتمر يعد الأكبر في تاريخ الجهود المبذولة لمواجهة تدهور المناخ في العالم، وسلسلة الاجتماعات التفاوضية التي تصدت لهذه المشكلة التي يعاني منها كل العالم، فالموقع الذي حدد كمكان لاستضافة المؤتمر «موقع بورجيه» يمتد على مساحة 18 هكتارا في حديقة المعارض في بورجيه شمال باريس، وقسّم الموقع إلى ثلاثة قطاعات، أولها مركز المؤتمر الذي سيكون تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو مخصص فقط للأشخاص المعتمدين من قبل الأمم المتحدة ويحملون تصريحاً من المنظمة الدولية وهم بالتحديد رؤساء وأعضاء الوفود وسكرتارية المؤتمر، وستكون منطقة مغلقة مقتصرة على ما ذكرنا، أما القطاع الآخر فسيكون مفتوحاً أمام العامة، إذ سيكون مركز أجيال المناخ باستطاعته استقبال 10 آلاف شخص، أما القطاع الثالث فهو مخصص لعرض الشركات التي تتعامل مع تغيرات المناخ وخفض الكاربون وينتظر أن تستقبله قاعة عرض الشركات.
التوقعات تقول إن 40 ألف شخص سيحضرون المؤتمر يوميا، فهناك عشرة آلاف مندوب من 195 دولة معتمدة، وحصلوا على بطاقات تعريف تتيح لهم التنقل بين القطاعات التي تشهد فعاليات المؤتمر، وهناك أيضاً 14 ألف ممثل لمنظمات المجتمع المدني في الدول كافة، ويتواجد ثلاثة آلاف صحفي معتمد، إضافة إلى مرافقي رؤساء الدول وأطقم الحماية وغيرهم من الأشخاص الإضافيين الذين يقدرون بأكثر من ألفي شخص.
كل هذا التواجد من المشاركين في المؤتمر والمراقبين والصحفيين، إضافة إلى ممثلي المجتمع المدني الذين عادة ما يثيرون مشكلات كإقامة التظاهرات والاحتجاجات وغيرها من المظاهر التي حفلت بها المؤتمرات السابقة، يجعل من تأمين الأمن والسلامة مهمة ثقيلة جداً على الأمن الفرنسي الذي نشر نحو 6300 شرطي ودركي وقوات متحركة للإشراف على الأمن في مدينة باريس.
عقد المؤتمر اليوم في باريس، الذي ستستمر مفاوضاته لعدة أيام، يعد تحدياً للإرهاب تقدم عليه فرنسا التي حصلت على تضامن دولي تمثل في الحضور المكثف لقادة الدول ورؤساء الحكومات ووفود الدول لتأكيد ثنائية الإرهاب وتدمير المناخ اللذين يشكلان أكبر تهديد للبشرية والكرة الأرضية في العصر الحديث.