سعد بن عبدالقادر القويعي
مواصلة تويتر ملاحقة الحسـابات المتطرفة، والمحسوبة على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، أو على أنصاره، والعمل على إغلاقها بعد الإعلان عنها، يندرج وفق قواعده التي جرى تنقيحها، بأنه: «لا يجوز الترويج للعنف ضد الآخرين، أو مهاجمتهم مباشرة، أو تهديدهم بسبب العرق، أو الأصل، أو المواطنة، أو الجنس، أو النوع، أو الهوية الجنسية، أو الدين، أو العمر، أو الإعاقة، أو المرض»، وهو ما عبَّرت عنه ميجان كريستينا - مديرة الثقة والحماية في المدونة -، بقولها: «كعهدنا نتقبل، ونشجّع تنوع الآراء، والمعتقدات؛ لكننا سنواصل اتخاذ ما يلزم بشأن الحسابات التي تتجاوز الحدود، وتتحول إلى إساءة».
كتجاوبٍ مع الحرب الإلكترونية، يأتي تفسير شركة «تويتر» تعريفها لما أسمته: «السلوك المسيء»، الذي يستدعي إلغاء الحسابات، وسلوك الكراهية المحظور، والذي يحض على العنف ضد جماعات - بعينها -، واستخدامها وسائل حرب غير تقليدية، وساحة افتراضية، وعناصر إرهابية جنّدت، وسخّرت، وضلّلت عقولاً من وراء صفحات إلكترونية، عبر تغريدات استعطاف، واستجداء توجه بلغات محلية لمتابعيهم الذين يغلب عليهم حداثة السن.
هذه الحسابات المفتوحة - مع الأسف - تُعد ثغرة أمنية خطيرة، وتُعين على تمويل الإرهاب إلكترونياً، ضمن عملية تبادل المعلومات المشبوهة بين الإرهابيين، فمعظم الحوادث الإرهابية تعتمد على ما يُسمى بشبكات التواصل الاجتماعي، ويأتي في مقدمتها ما يُعرف بحساب «تويتر»؛ فتنشط تلك الحسابات في مهاجمة علماء المملكة، وتكفيرهم، وتسعى إلى عزل الشباب فكرياً، والتأثير على نظرتهم للعلماء. كما تصدر عن تلك الحسابات - أيضاً - تهديدات مستمرة، وجادة في تفجير مقرات حكومية، ومجمعات سكنية، والقيام بعمليات تثير الفتنة الطائفية، - وكذلك - استهداف رجال أمن بعد نشر صورهم، وأسمائهم في مواقع التواصل الاجتماعي، والتحريض عليهم.
أحد خيارات الإستراتيجية التي يتبعها تنظيم داعش الإرهابي في تنفيذ أعماله الإجرامية، اعتماده تقسيم المملكة إلى عدة مناطق، واستهداف فئة الشباب - من خلال - شبكات التواصل الاجتماعي، - ومن - خلال دعايات التنظيم عبر الشبكات الإلكترونية، بحسب توزيع مجموعة الأدوار، والمهام على أفراد التنظيم، حيث ترتبط تلك الحسابات المشبوهة جوهرياً بسلسلة معقدة من حسابات المصالح، والأهداف الإستراتيجية، والأبعاد التاريخية، والجيوسياسية.
حسن ما ذكره موقع محسوب على تنظيم «داعش» يحمل اسم «الدولة الإسلامية»، وقد نشر تغريدة يوم 3 سبتمبر - أيلول الجاري، قال فيها: «من البارحة إلى اليوم، تم إيقاف أكثر من ألف من الحسابات المناصرة للدولة الإسلامية»، - وفي تقديري - أن تلك خطوة في الاتجاه الصحيح؛ حتى وإن لجأ أنصار تنظيم الدولة الإسلامية، وغيره من الجماعات التي توصف بأنها متشددة - بشكل متزايد - لمواقع أخرى، مثل: موقعي «كونتاكت»، و»داياسبورا» الروسيين، ضمن شبكة تواصل اجتماعي عمرها أربعة أعوام، وتعتمد على شبكة من الخوادم المستقلة اللا مركزية، وذلك لتفادي التعقب - كما يقول بعض الخبراء -.
- اليوم -، ونحن نتجرع مرارة تلك السموم، والتي تسير على درجة عالية جداً من التخطيط، والانضباط، ووفقاً لرسائل دقيقة، وموجهة بشكل علمي لاستهداف فئات محددة، أشير - فقط - إلى أهمية تكثيف حملات التوعية المضادة، والهادفة لمجابهة الإرهاب، وهو ما ذكره رئيس حملة السكينة - الشيخ - عبد المنعم المشوح، عندما أشار إلى ردة الفعل الباردة لخطاب الإرهابي البغدادي - الأخير - بأن من أسبابه، والذي وصل لدى بعض المجموعات إلى شبه تجاهل، تعود ربما: «إلى فقدان داعش كثيراً من سمعته، والتعاطف معه، - إضافة - إلى أن عدداً من الرموز الإيرانية التي كانت متحكمة في منصات، وفرق النشر، والتسويق للتنظيم الإرهابي، أوقفت - أخيراً - أكثر من 50 منصة للتنظيم، وفقاً لما أعلنه بعض المنتمين، والمقربين من منابر التنظيم المتطرف».