ناصر الصِرامي
لا يمكن للعين أن تخطئ أبدا المظاهر الاستثنائية التي رافقت زيارة الرئيس الصيني للمملكة العربية السعودية.
مظاهر اقتصادية وسياسية وثقافية وإنسانيا أيضا، تجسد بشكل احتفالي ومعلن تدشين علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 1990، ومن ثم الإعلان عن إقامة علاقات الصداقة الإستراتيجية عام 2008.
لا أعرف كيف غاب البيان المشترك عن عناوين التحليل السياسي، وصدارة أهمية ما تضمن.
البيان المشترك أشار إلى تطوير الصداقة التقليدية بين البلدين والشعبين الصديقين، وتعزيز التعاون الوثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإنسانية والعسكرية والأمنية والطاقة، وعلى المستويين الإقليمي والدولي.
والهدف الجديد، هو الارتقاء بالعلاقات السعودية - الصينية إلى مستوى أعلى. إلى علاقات « الشراكة الاستراتيجية الشاملة». وبالتالي بذل المزيد من الجهد، والجهد الاضافي لتطوير التعاون في مجالات مختلفة ومتنوعة.
سياسيا، و»في ظل التطور المستمر للتعددية القطبية في العالم والعولمة الاقتصادية، يزداد الطابع الاستراتيجي والعالمي للعلاقات السعودية - الصينية يوما بعد يوم، وأصبح كلا البلدين شريكا مهما لبعضهما البعض على الساحة الدولية».
وهناك تعهد مكتوب بالنظر إلى أن العلاقات بينهما دائما «بنظرة استراتيجية وطويلة المدى»، وان العلاقات مع الجانب الآخر كتوجه مهم في علاقاتهما الخارجية. وتعزيز التواصل الإستراتيجي حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتوثيق التعاون الإستراتيجي وتوطيد الثقة الاستراتيجية المتبادلة».
الإستراتيجية تكررت أكثر مرة في البيان، وتجاوزه إلى «الاستراتيجية الطويلة الشاملة»، وهذا هو العنوان الأبرز للعلاقات السعودية- الصينية للمرحلة.
وهناك اتفاق معلن وصريح للدعم المتبادل للمصالح «الوجودية» الحيوية لبعضهما البعض، فالسعودية ملزمة بشكل كامل بـ»سياسة الصين الواحدة».
في حين يتوجب على بكين دعم «جهود الجانب السعودي للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها وتطوير اقتصادها وتحسين معيشة شعبها، ودعم قيام الجانب السعودي بدور أكبر في الشؤون الإقليمية والدولية».
واضافة إلى تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة ، تم تفعيل دور آلية اللجنة السعودية - الصينية المشتركة للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية، وإطلاق الأقمار الاصطناعية والاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقات الجديدة. والتعاون في بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ21 .
إقليمياً ودولياً، الوقوف بثبات ضد الإرهاب، ودفع السلام والاستقرار في الشرق الأوسط بما يتفق مع المصلحة الإقليمية والدولية المهمة، وبحث متطابق للقضايا التفصيلية السياسية بشكل مجمل وواضح.
ليست مجرد زيارة عادية، أو اتفاقيات بروتوكولية، أو مجاملات دبلوماسية. ليس هناك وقت لتفعل الرياض ذلك. ونظرة عن ما صدر عن البلدين وفي تفاصيله، يؤكد بثبات أيضا، أن الرياض تفتح بعدا إستراتيجيا اتجاه الشرق.. حيث تنين الشرق.. الصين.