د. خيرية السقاف
لا تطبخوا الوهم، ولا تأكلونه، إنه كفقاعة الصابون ما يلبث أن يتبخّر فلا تجدون في قدوركم شيئاً، ولن تأكلوا إلا هواءً..!
من هنا يرددون حين لا تكون الأمور حقيقة عبارة «كل هوا»..
ومراراً كنت أسألها لماذا تستخدم هذه العبارة مع المتحدثين معها، إذ هي دائماً لا تثق فيمن يقول ما قاله..
كانت تجيب باستهتار: لأنهم لا يَصْدُقون..!!
أما مقياس الصدق عندها فذلك أمر آخر ..
البارحة زائرة أرادت إضفاء جوٍّ من الدعابة به تستدرج لفخ الضحك حزنَ المتحلّقين حول مريضهم بقولها « أريد الذهاب لكوكب المشمش، لأرى عدد الأمنيات التي رحَّلها الناس إليه»
بناءً على عبارة شبيهة لعبارة «كلْ هوا»، وهي العبارة الشهيرة «في المشمش» التي يرددونها حين يكون اليأس بالغاً حده، والآملون يكثرون من أمانيهم كل لحظة على مطلق الهواء..!
من هنا تجد أنّ الناس تتسلى عن خباياها بتركيب العبارات الموجزة للحالة..
وأسوأ ما في الأمر أنّ الناس لا تثق بأنفسها فضلاً عن عدم ثقتها ببعضها ..
ربما لأنّ تجاربهم لم تتح فرصاً للثقة لأن تنمو، أو لأنّ كلا من الناس مشغول بنفسه..
عجيب أمر الناس مع أنهم يتنفسون من فتحتي أنف في رأس، أجزاؤه على الترتيب ذاته في كل جسد بشري، وحيواني، و.. و بقية مخلوقات الله الممنوحة روحاً، أو حياة، مع اختلاف في التفاصيل، إلاّ أنّ الإنسان المميّز وحده بالعقل، لا يُعمل هذا العقل حين يرغب في أن يفسح لنفسه أن تتنفس من قيد العقل..!
الجنون في كثير من الحالات منفذ، وتنفيس..
لكنه لا يؤْكِل هواءً، ولا يُحيل المشمشَ الفاكهةَ الجميلةَ إلى كوكب قصي..!!