سعد بن عبدالقادر القويعي
لا أعجب من ضلال دواعش العصر، ومعصيتهم لله - تعالى - ؛ فالغدر صفة لازمت تحركاتهم منذ ظهورهم. وما أشبه الليلة بالبارحة، بعد أن تشابهت أقوالهم، وأفعالهم، وأنا أتذكر هذه الخصلة القبيحة، حين تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً مفجعاً لدواعش، يمسكون قريباً لهم، ويطلقون عليه النار بالقرب من إحدى الطرق السريعة في منطقة القصيم، في مشهد دامٍ، متجاهلين الوعيد الشديد، ومستحلين الدماء المعصومة بغير وجه حق.
كم هو مؤلم عندما يتلقى الإِنسان الطعنات من قريب أسكنه تجاويف القلب، إِذْ لا شيء أقبح من غدر يسوق إلى النفاق، أو عار يفضح من نقض العهد إذا عدت مساوئ الأخلاق، - خصوصا - عندما نبتلى بمناوئين منافقين اتخذوا من الغدر، والاغتيال، وشراء الضمائر وسيلة؛ لمواجهة المسلمين، وقتل المصلين، وترويع الآمنين، وتفجير المساجد؛ وليحرك الشيطان، والأنفس الأمارة بالسوء شياطين الخوارج على أهل الملة، والقبلة.
عندما ينتشر الغدر بين قلة من المجرمين؛ فسيؤدي ذلك إلى تفكك المجتمع، واضطرابه، وفقدان الثقة بين أفراده، وعدم اطمئنانهم لبعضهم، وبعدهم عن تقوية روابط الألفة، والتماسك فيما بينهم؛ لأنه سيبيعك بأقل ثمن، ويروغ عنك لأتفه سبب، فلا تطمئن لصداقته، ولا ترتاح لتظاهره بحسن علاقته. ثم إن غدر الإِنسان طريق؛ لأن يكون مطية لأعداء الله في تنفيذ مخططاتهم، وهذا من أعظم الأمور خطراً على المجتمعات الإسلامية؛ لأن هذه الصفة المذمومة قد تؤدي إلى سفك الدماء، وانتهاك الأعراض، واستباحة محارم المسلمين، وقد يحل عليهم من الضرر ما الله به عليم.
خلق الغدر أسود مظلم يتوارى منه أهله خجلاً؛ لأن دواعشهم يكرهون للناس الخير، ويتربصون بهم السوء، ويزعمون أَنَّهم وحدهم هم المهتدون، وغيرهم من الناس ضالون. ولذا - لا غرابة - أن يعدَّه بعض العلماء من الكبائر؛ لأن الله خصمهم يوم القيامة، ففي الحديث الذي رواه البخاري: «قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر..»، ومن كان الله خصمه فقد وقع في أحقر موقف، وأذل صورة، وأخزى حال. وقد فصَّلت السنة النبوية في صفات الخوارج، ما لم تُفصِّله في أي فرقة أخرى؛ لعظم خطرهم، وسرعة الاغترار بهم، ومن أهم تلك الصفات : التَّكفير، واستباحة الدماء، وسوء الفهم لنصوص القرآن، والسنة، والطَّيش، والسَّفه، وحداثة السن، مع الغرور، والتعالي.