عبدالحفيظ الشمري
غالباً ما ننظر إلى جل المشاريع وهي تنتهي بجني الأموال، ومغانم الأرباح، أي أن النظرة العامة للمشاريع عادة ما تكون مادية صرفة، أو هكذا ارتبطت الحالة الذهنية في هذا السياق، في وقت يجدر بمن يتصور الأمر على هذا النحو أن يوسع خصوصية هذا التصور، ليجعله أكثر فاعلية وتأثيراً وعمقاً لا سيما في الجانب المعنوي الذي نستطلع - هنا - سياقاته، ومفاهيمه، واحتمالاته كمنجز إنساني في غاية الأهمية.
أنواع كثيرة من المشاريع في حياتنا المعاصرة، سنتحدث عن بعض منها، إلا أن «المشروع المعنوي» هو الأساس الذي يمكن لنا أن ننطلق منه في كل تجربة ومغامرة، إذ ستنهض هذه المنجزات أو المشاريع من كونها فكرة، ومن ثم مشروع ذهني وتصور وخطط إلى أن يخرج إلى ممارسة واقعية؛ تتطلب الانتقال إلى الشق الآخر وهو البناء والتشييد ومتطلباته.
أما «المشروع المادي» فإنه بالطبع هو الذي يأخذ - عادة - حيزاً من حياتنا واهتمامنا، ويسيطر على كل الرؤى والتجارب، فقد يكون بعض هذه المشاريع التربحية مفرحاً ومبهجاً، لأنه يدر بعض المكاسب المالية، وبعضه الآخر أليماً لا سيما على مستوى انهيار المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي قد لا توفق في رحلة البحث عن مكاسب ومغانم مالية.
نوع آخر من هذه المشاريع هو المشروع المشترك، وهو تجربة نوعية يتداخل فيها ما هو «معنوي» بما هو «مادي» على نحو مشروع بناء الحياة الاجتماعية، والأسرية، ورعاية المحتاجين من خلال العمل الخيري الذي يستثمر بالجهود الإيجابية، والطاقات الفاعلة لبناء منظومة عمل تحقق الغاية من هذه المشاريع فتتضافر فيها الجهود، ليكون النشاط في مجمله مكوناً من مشاريع الخير والعطاء، لينتج عنها مثل هذه المكاسب المعنوية والمادية؛ ونحن بحاجة إليها كمجتمع إنساني يبحث عن التكامل والتضامن والتعاون.
فالجانب الإنساني في هذه المشاريع لا شك أنه مهم، ويجب أن يؤخذ بالحسبان، لكي يكون مفيدا ونافعاً، وتكون له أبعاد وقيم ستظهر على المدى القريب والبعيد لا سيما في مشروع العمل الخيري الذي يحتاج إلى هذا التكامل بين ما هو معنوي يبشر بخير، وما هو مادي يقدم الدعم المالي، لتكون أسباباً مميزة لنجاح معادلة الإنسان والعطاء.
لكن من الضروري والمهم أن نفعل «المشروع المعنوي» في حياتنا المعاصرة لكي لا تطغى صيغ المشاريع المادية المحضة.. لا سيما تلك التي تُغَلِّبُ الجانب الربحي بشكل كبير، مما قد يتسبب في وأد الكثير من الأحلام والخطط والمشاريع الصغيرة، فالمشروع المعنوي كفيل بأن يسهم في نجاح الكثير من هذه الرؤى الإنسانية، لينهض هذا المشروع من كونه حلماً إلى واقع مفيد.
فمناقشة الجانب الإنساني والمعنوي ضروري ومهم في الكثير من هذه المشاريع الحياتية لا سيما ما هو ذا طابع مادي وتربحي؛ على نحو ما يمر بالمجتمع والأسر من مغارم وخسائر، وفقد للمدخرات حينما تأتي الكوارث والحروب لا سامح الله، أو ما يفقده بعض الناس من مال في تجارب ومغامرات على نحو مغامرات سوق الأسهم، وقضايا أخرى كالديون، وغلاء المهور. فنحن هنا ملزمون بعمل مشروع معنوي يستفيد منه الجميع.