فهد الحوشاني
مشاعر متداخلة بين الحزن والفرح شعرت بها، وأنا أستعرض المشهد الكلي لحادثة مقتل بدر الرشيدي - رحمه الله - ثم مقتل الجناة، فخور جداً بأن تواصل الأجهزة إنجازاتها لتقتص من قاموا بالغدر بقريبهم تقرُّباً للبغدادي! الشعور بالفرح هو لهذا الإنجاز الأمني المستمر والنجاح الذي يأتي بتوفيق من الله لرجال الأمن لنشعر أننا أمام عزم وحزم في الداخل كما هو في الخارج، من رجال أمننا استلهموه من عزم وحزم قائد هذه الأمة.
ولكن عندما أنظر من زاوية أخرى فإن الحزن ينتابني لأننا كمجتمع فقدنا سبعة مواطنين، منهم ستة كانوا تحت تأثير وسوسة وهمزات الفكر الضال الذي أسلموا أنفسهم له. وسابعهم شاب هو قريبهم راح ضحية لهذا الفكر الضال الظالم، إذاً نحن فقدنا سبعة مواطنين هذه المحصلة النهائية لهذه الحادثة الفاجعة، وهي مسألة يجب التوقف عندها.
وعلينا أن نتساءل هل كان بإمكاننا منع أولئك الستة من الوقوع ضحايا لفكر البغدادي الدموي!
هل هناك أساليب أو طرق كان يمكن عملها لحماية أولئك من خلال خطوات استباقية تعري هذا الفكر الضال لحمايتهم من الوقوع في أسر هذا الوسواس الخناس! هي أسئلة يجب أن نسألها أنفسنا! لنراجع طرقنا وأدواتنا وأساليب توعيتنا، ولأن البغدادي وآلته الإعلامية تتخذ من الدين الذي هو دستورنا وشريعتنا مزايداً علينا فيه ليختطف شبابنا منا من خلال تحريف في تفسيره، متخذاً العاطفة الدينية وسيلة التأثير وغطاء للجذب!.. والسؤال المحير، لماذا وجد أولئك الشباب وغيرهم ضالتهم في البغدادي ولم يجدوها في علمائنا ودعاتنا كقدوات يتخذونها، هل يراجع العلماء والدعاة أساليبهم في جذب الشباب والتأثير عليهم، هل اكتفى أولئك الدعاة والعلماء وبالعادي والمعروف والسهل وما يحفظ ويقال عادة دون الخوض بالمسائل التي يخوض بها البغدادي وآلته الإعلامية! كيف يكون لهذا التنظيم قوة إعلامية أقوى من أجهزتنا وإعلامنا ونجومنا وقدرتنا المالية والبشرية والفكرية؟ هي أسئلة كثيرة يجب أن تبحث إذا أردنا أن نحمي شباباً في مقتبل العمر يهدرون شبابهم فداء لفكر يخالف الدين الصحيح.
في المقابل أعرف أننا لسنا المجتمع الوحيد الذي ينال منه، ولسنا المجتمع الوحيد الذي يتعرض لفيروسات الفكر الضال.
وكنت قد ركنت إلى مقولة إن الإحباط هو من يدفع الشباب إلى الانضمام إلى المنظمات الإرهابية، ولكني أتوقف كثيراً عند مشهد لشباب وفتيات من أوروبا وأستراليا ومن الشرق ينضمون إلى تلك المنظمات ويتركون الحياة المرفهة في بلدانهم المتقدمة، ويذهبون إلى حياة ضنكة قاسية تقوم عقديتها على القتل وكره الناس!
فما الذي يجعل من فتاة حديثة الزواج تهرب مع زوجها إلى داعش، دون أن تعمل عقلها فيما سيحصل لها لو قتل زوجها! ألم تفكر بما سيحصل لها عندما يتم القضاء على التنظيم ويتم القبض عليها من قبل مليشيات وعصابات سوف تأخذها سبية تُباع وتُشترى؟!! الذي أنا متأكد منه أن مصيرها لن يكون بأفضل من مصير العرب الذين بقوا بعد انهيار طالبان وتعرضوا للتعذيب والقتل بل وحتى البيع واستقر بعضهم في سجن غونتاناموا!
إذا لم يكن الإحباط ليس هو السبب ولكنه ربما أحد الأسباب التي يجب بحثها بشكل جاد، وأن يكون الحرب على الإرهاب عسكرياً فكرياً ودينياً وإعلامياً، وأن يقوم العلماء والدعاة بدورهم في مكافحة الإرهاب الذي يستغل الدين ليحوّله إلى أداة للقتل بينما هو جاء رحمة للعالمين.
خاتمة:
(السيد) البغدادي صاحب العمامة (السوداء) يكذب كل من يتهم مجتمعنا بالإرهاب فها هو يعلن من خلال جرائمه التي ينفذها أتباعه في مجتمعنا بأنه عدو لنا يخالفنا فكراً ومنهجاً! فـ(السيد) البغدادي يكفر هذا المجتمع وعلماءه ويدعو للفتنة وقتل حتى الأقارب! البغدادي المعادي لمجتمعنا والمخالف لديننا وقيمنا والتي تتناقض تعاليمه مع ما هو موجود في مناهجنا، يرد بجرائمه الموجهة لنا على كل من يتهمنا بالإرهاب! بينما هو يهادن من يتهموننا بالإرهاب! والذين هو يهادنهم وسلمت دولهم من شره بالتأكيد هم من صنعوه!!