حمد بن عبدالله القاضي
* غاب ذاك الوجه الأليف الذي طالما أثرانا بعطائه الكتابي وشعره الأخاذ وأبحاثه التاريخية فضلاً عن إسهاماته الكبيرة في وطنه: إدارياً وشورياً وتدريسا، د. عبدالله صالح العثيمين -رحمه الله- هذا المؤرخ والأديب والشاعر وقبل ذلك الإنسان الذي يفيض تواضعاً، ويتوشح بساطه.. لقد أيقن أن الحياة لا تستحق عنفوان كبرياء أو تكبراً على البشر.
* كثيرون يتغيرون عندما يحصدون مجداً أو يعتلون منصباً لكن عبدالله العثيمين نمط آخر لم يغيره مجد أو يغيره منصب.
* بقي ذلك الإنسان الذي يألفه المرء من أول جلسة ويحبه من أول ضحكة ويقترب من أول قصيدة.
* كان -رحمه الله- مهموماً بشأن وطنه استقراراً وسموقاً ونذر نضارة عمره له، وكان مشغولاً بوصفه شاعراً ومؤرخاً وقبلها: عربياً مسلماً بغموم وتشتت أمته العربية والإسلامية منذ أن كان شاباً بين حيطان مدينته عنيزة.. لم تفارقه هموم أمّتيه حتى آخر قطرة من حبر قلمه ودم قلبه.
* هذا الراحل الكبير.. فقده وطننا وفقدته محافلنا الوطنية وندواتنا ومناسباتنا الثقافية التي كان قمرها المتألق.. كان يبثّ بين مقاعدها الحيوية والضياء بمحاضراته، وبقصائده الأخاذة: إبداعاً وإلقاء.
* كم نتذكر حفلات جائزة الملك فيصل العالمية وهو يمازج على بكلمته ما بين كونه أميناً عاماً لها وشاعراً لا يغادره الشعر فكان وهو على منصّتها يشد الحضور بتلك الأبيات الشعرية التي يجمع فيها بين عذوبة الكلمة الشاعرة، وعذب الإلقاء المتميز!
* أيها الراحل الحبيب:
يعزّ عليّ حين أدير وجهي
أفتّش عن مكانك لا أراكا
* رحمه الله.. كان أحد رموز وطننا: علماً وثقافة وتاريخاً وأسأل الرحمن أن يجمعه بجنة المأوى بوالديه وأخيه العلامة محمد بن عثيمين وبأسرته ومحبيه كافة، وأثابه الرحمن بجزيل الثواب كِفاء ما أسداه لدينه ووطنه وأمته، و»ما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجّلا».
(*) محب وتلميذ الراحل