عبدالحفيظ الشمري
«صحة كبار السن» شعار معنوي في غاية الأهمية، بل هو مشروع إنساني ضروري، ورؤية متكاملة من أجل خدمة شريحة لا بأس بها من المجتمع.. تتمثل في كبار السن؛ ممن يحتاجون إلى الدعم المعنوي، أو العون والمساعدة في ظل عدم قدرتهم على التفاعل مع الحياة المعاصرة، أو لوجود معوقات حياتية محتملة.
فكبار السن هم أحق وأولى بأن تقام لهم الكثير من المشروعات، والمحفزات والمعونات التي تساعدهم على تلبية مطالبهم الملحة؛ لا سيما ما هو علاجي، وله علاقة بحالاتهم الصحية، لأنهم خدموا وبذلوا كل ما لديهم من جهد في التربية والعمل والبناء؛ حتى باتوا اليوم بحاجة إلى من يقف معهم، ويساعدهم على تجاوز بعض الصعاب في سني عمرهم المتبقية.
وربما أهم ما يمكن تقديمه لهم هو رعايتهم من الناحية الصحية؛ حيث تشكل هذه الجزئية أهمية قصوى، ورؤية موضوعية لما يجب أن تكون عليه الحالة الصحية لكبار السن؛ الذين يدب في أجسادهم الوهن، والتعب، وتغزوهم الأمراض.. فما لم يكن هناك رعاية صحية متكاملة لهم فإنهم سيشعرون حتماً بالحيف أو ما يعتقدون أنه تجاهل من المجتمع.
«صحة كبار السن» بدأ مفهوماً يشبه الحلم، لتروج له جل الدول والمجتمعات التي نضج لديها هذا المشروع الحيوي؛ الذي نشاهده في بلاد الاتحاد الأوروبي، وشرق آسيا التي قطعت شوطاً كبيراً في خدمة هذه الفئة، وقدمت لكبار السن كل ما يستحقونه من تأمين صحي، وخدمات علاجية، وتحسين مرافقهم، بل ذهب الأمر إلى مساعدتهم في البحث عن احتياجات حياتية مناسبة؛ يقضون به بقية العمر بشكل لائق؛ لكي يراعي جهودهم، ويكافئهم على ما قدموه بذل وعطاء.
وحينما نتأمل «الرعاية الصحية» الخاصة بكبار السن لا بد لنا أن نتوقف عند دور المراكز الصحية في القطاعي الحكومي.. فلا يعول عليه كثيراً، لأن المشروع برمته يحتاج إلى تطوير، وتجديد، ليخدم الجميع أولاً، ومن ثم يتخصص في رعاية فئات المجتمع المختلفة، ولا ننسى مراكز العلاج والرعاية الأهلية.
ولا شك أن كبار السن هم أحوج إلى تفعيل برامج «التأمين الصحي» الذي يعد خطوة مهمة في بناء مشروع رعاية المسنين صحياً؛ إذ تتعثر الكثير من محاولاتهم في إيجاد حلول مناسبة ومريحة؛ تكفل لهم مواصلة العلاج لا سيما في مراحل متقدمة من العمر؛ حينما تهاجمهم الكثير من الأمراض والوعكات الصحية، فيتطلب وجود برنامج تأمين متكامل وفعال؛ يخدمهم ويساعدهم في حالة أنهم أصبحوا على المعاش، وتقاعد جلهم من العمل الحكومي الذي لا يجد
-أغلبهم- برامج تأمين طبي مناسب.
فخدمتهم صحيا تحتاج إلى مشروع وطني متكامل؛ يسهم في بناء منظومات عمل تنطلق من مشروع الأسرة والمجتمع، وتبعد الاجتهاد الأسري الذي بات يظهر هذه الأيام؛ حينما تتحول أجزاء من البيوت وكأنها مستشفيات مصغرة، أي أن الأسر ترعى المرضى، وتوفر الكثير من الخدمات، بل تستقدم الممرضين مما يشكل عبئاً أكبر على كاهل الأسر؛ في وقت كان من الأجدى أن تقوم الرعاية الصحية الأولية في أداء دورها خدمة لهؤلاء المرضى لاسيما كبار السن.