عبدالحفيظ الشمري
نتيقن أن «رعاية الطفل» هي أهم رسالة إنسانية تعايشها الأسرة، وهي سلوك اجتماعي ضروري لتواصل الحياة، كما أنها واجب وطني محتم على الجميع التفاعل معه والإسهام في بنائه ورعايته، خدمة لهذه الفئة التي تُعد هي البذرة الأولى للحياة، والجسر الوحيد لعبور الأجيال نحو محيطهم القريب، ومن ثم البعيد، بل إن الطفولة رؤية جادة وحتمية، وبنية متكاملة الأركان، ومشروع متقن لا يقبل أنصاف الحلول.
وحينما نتحدث معاً في تفاصيل يوميات الطفل، وحياته، والخطوط العريضة لمستقبله لا بد أن يقف الجميع على ركائز مهمة، وضرورات لا بد منها؛ تتمثل في: «الصحة والغذاء والتعليم».. فهذه المنطلقات الثلاثة هي أبرز الأشياء الضرورية في حياة الطفل، وهي متممة لبعضها البعض؛ أي أنه لا يمكن لنا أن نوجد تعليماً سليماً بدون أن تضمن للأسرة والطفل حياة صحية وغذائية مناسبة، لا سيما في المراحل الأولى من نموه وتعليمه.
ولا يتوقف الأمر في مجال «صحة الطفل» عند إجراءات الكشف، أو متابعة التطعيمات، أو الذهاب به إلى أقسام الطوارئ بالمستشفيات؛ إنما يتعدى ذلك إلى أن تكون هناك رعاية طبية متكاملة، تتضافر فيها كل الجهود خدمة للطفل وأسرته، وما يتأتى ذلك إلا من خلال مؤسسات خدمية تُعنى به، وتتواصل ميدانياً مع الأسرة من أجل قيام مشروع الطفولة المتكامل.
وأبرز مثال على نجاح مشروع الرعاية الصحية للطفل ما تقدمه دول الاتحاد الأوربي من مشاريع متميزة خدمة لهذه الفئة، حيث يرصد لهذه المشاريع العملاقة ميزانيات ضخمة، لتتجاوز مفهوم العلاج والمكافحة كما يحصل في الكثير من المجتمعات التي تعاني من ضعف الإمكانات، أو قلة الاهتمام من قبل الكثير منها، حيث يأتي الطفل في مرحلة متأخرة من اهتماماتها، لأنهم مشغولون بالأصل في تنمية حياة الكبار، والبحث عن مصدر رزق للجميع.
فحينما تكتمل منظومات رعاية الطفل صحياً فإنها ستنعكس حتماً على الأسرة والمجتمع، بل ستكون عوناً وسنداً لقيام تعليم متميز؛ يكون فيه الطفل حاضراً ومستعداً تماماً لمسيرة تلقي العلوم والمعارف، فالصحة هنا خطوة مهمة لصنع جيل متميز.
وتتحد فكرة قيام الصحة المتكاملة للطفل في أمر اكتمال منظومات الغذاء السليم الذي سيعزز القدرة الصحية لديه في منزله أولاً، ومن ثم تعزيز وجوده في المجال التعليمي، أي أن الغذاء السليم، والماء النقي سيجعلان من الطفل والأسرة نموذجاً متميزاً لاكتمال البناء والنمو في بيئة مستعدة ومهيأة بكل احتياجات الحياة ومتطلباتها.
كما أن صحة الطفل لا تتوقف عند حد العلاج والمتابعة - كما أسلفنا - إنما في قيام بيئة سليمة ونقية، ومرافق مكتملة تميزه؛ تخدمه؛ وتجعله يمارس الرياضة وبناء الصحة العامة، إذ إن المرافق الرياضية في المؤسسات التعليمية يقع عليها العبء الأكبر في رعاية الطفل، وتسهيل مهامه، لذا يتطلب الأمر قيام مشروع رياضي متكامل من خلال هذه المرافق؛ من أجل تهيئة سبل النجاح لها؛ وذلك بصيانتها ومتابعتها، وتجهز فرق عمل وتدريب، ليكون المشروع الرياضي الأسري داعماً رئيساً لمشروع صحة الطفل، ورعايته، واكتمال رسالته؛ خدمة للمجتمع الذي ينتظر منه النفع في المستقبل.