رمضان جريدي العنزي
إيران تملك إيديولوجيه واحدة، وعقيدة مذهبية واحدة، ونظرية فلسفية واحدة، وفكر سلطوي واحد، وخطاب تحريضي واحد، وثقافة استعمارية واحدة، تزحف بسرعة محسوبة على تراثنا وإرثنا ورزقنا وأرضنا وتاريخنا ومصيرنا المشترك، ولها أكثر من ميدان، وأكثر من مواجهة، وأكثر من بلوغ هدف، وأكثر من وجه، وأكثر من لسان، وأكثر من شكل، وأكثر من هندام، وأكثر من شيطان، إيران لديها إستراتيجية مخيفة في محاولة الهيمنة والتفرّد، تطبخ على نار هادئة، وتغذيها بجذوع أشجار رطبة، وتملك مشروعاً خطيراً في تثقيف الناس وقلب مفاهيمهم وعقلياتهم، لإيران أذرعة إعلامية ثقافية فلسفية مذهبية عقائدية، وأجنحة عسكرية حربية تدميرية سلطوية قمعية، لها نزعة في الاستحواذ والسيطرة، إيران لديها أهداف إستراتيجية وتريد بلوغ هذه الأهداف بأي وسيلة، وبأي طريقة، وبأي كيفية، وتملك ثقافة سيطرة شاملة هي الأخطر فتكاً والأشد ضراوة، وعندها هوس فكري عقائدي خاص ومغاير لا يمكن لها أبداً أن تتعايش بسلام مع الأصول الثقافية والدينية والمذهبية الأخرى، إيران لها مفكروها ومنظروها وناشطوها وعلماؤها وساداتها وقاداتها، يصنعون لها الإستراتيجيات التوسعية التي تتبناها كعقيدة راسخة لها، يرسمون لها، ويخططون لها، يوجهونها ويقودونها نظرياً وعملياً، إيران تحاول هزيمة الشعوب الأخرى ثقافياً وتاريخياً وتراثياً، لديها أساليب وشعارات مضلّلة، تعرف بدهاء مر كيف تهزم الشعوب الأخرى روحياً ومعنوياً وفكرياً، ولديها مكائن إعلامية كبيرة وضخمة متنوّعة ومتشعبة تدور اشتعالاً، وفق فضاءات كثيرة متنوّعة ومتشعبة على مدار الوقت، إيران مثل الأخطبوط لها أياد كثيرة في الأمكنة والأعماق والفجوج، هذه الأيادي الأخطبوطية بعضها واضح، وبعضها خفي، وبعضها نراه ولا نراه، هذه حقيقة لا تخفي حتى على الضرير، إيران مثل نقار الخشب يضرب بمنقاره على جذوع الأشجار بقوة ليحفر له مكاناً ومأوى، إيران تلجأ إلى التمظهر بأدوار وأقنعة مستعارة كأسلوب وكجزء من الميكانزمات الدفاعية التي توفر من خلالها لنفسها غطاء شعبياً، وغطاء إقليمياً، وغطاء دولياً، إيران لديها فلسفه غريبة، وعقيدة شاذة في محاولة ترويض الفكر العربي قتلاً وذبحاً واعتداءً وتكفيراً وإشعالاً للفتن، واستعاراً للحرائق، إيران تريد أن تجعل الأرض العربية كلها مستنقعاً كبيراً للموت والدمار والفناء، إنها تعيش لحظات وتفاصيل هذه الرؤية، وتأمل بإنجازها بأي ثمنضريبة، هي تريد إحالة الأرض العربية وما عليها إلى خراب وجفاف وأطلال، وجعلها شيئاً منسياً، إلا في حيز الذاكرة. إن إيران بأذرعتها وأجنحتها وفروخها وطيورها وأسماكها، تمارس علينا الإزعاج، والتهديد بالويل والثبور وعاقبة الأمور، تريد جرنا لحرب إقليمية طائفية بغيضة شرسة، ولديها مخططات غاية في السوء لتمزيقنا وتشريدنا والعبث بنا، والدلائل على ذلك كثيرة، والاستدلالات واضحة وجلية. إن إيران ليست طائفية وحسب، بل هي عنصرية اضطهادية قمعية، لذا علينا أن لا ندور عكس عقارب الساعة، ولنعلم بأننا على المحك، لأن إيران لم تكن مسالمة في يوم من الأيام، إنها تحاول إضعافنا حتى تصبح هي الإمبراطورية الوحيدة، علينا أن نستمر في الاستعداد والحذر واليقظة من هذه الأفعى. إن إيران تحاول باستماتة عجيبة الاستمرار على استكمال مشاريعها السياسية والأمنية في المنطقة، وعلينا أن لا نهمل هذه التحركات وإن كانت صغيرة أو جزئية أو محدودة، لأن الإهمال ينتج العواقب العكسية الوخيمة، علينا أن لا نتركها تشق المسار كيفما شاءت وأرادت وابتغت، بل يجب أن نعثر هذا المسار بأي شكل من الأشكال. إن حجم التحديات التي نواجهها مع هذه الأفعى الإيرانية السامة كبيرة ومتنوّعة ومتشعبة، تهدّد كياننا وأمننا واستقرارنا ووجودنا التاريخي والديني المتجذّر والعميق، هي تريد التلاعب في جغرافيتنا من أجل أهداف مرسومة ومكشوفة، وعلينا أن نكسر طموحها في الهيمنة والابتلاع، ونهزم جهدها في تصفيتنا، ونزيح حضورها وسعيها نحو خرابنا. إن حجم التحديات معها كبير، لكن العمل الدؤوب، والعزيمة والتصميم والحذر واليقظة الكاملة والاستعداد التام ومراقبة تحركاتها ورفع درجات الوعي الوطني بالأخطار الإيرانية المحدقة ووضع العناوين القوية في إبراز هذه الأخطار مطلوب بشكل علني ومكثف. إن هذه الأفعى الإيرانية ليس لها ثبات، فهي تتلوّن في مواقفها، ولها أسلوب مختلف بتغيير جلدها حسب اللون والظرف والموقف، الخداع عندها كبير، والبهت كبير، والتناقض كبير وبائن، والمصداقية عندها ناقصة بشكل كلي ولافت. إن كذبها الأفعوي المستمر لا يغطي حقيقتها في زرع الشر في كل مكان، إنها تغذي الإرهاب في منطقتنا العربية بشكل خاص، في العراق، في سوريا، في لبنان، في اليمن، وتحاول جاهدة تغذيته في بلداننا الخليجية والمغاربية المستقرة. إن سلتها مليئة بالإرهاب والعنف والتكفير والتطرف والتشويه والدم، فهي تسعى إلى تغير البلدان والمجتمعات العربية بالقوة والظلم والجبروت، تريدها فوضى وحروباً وكوارث بيئية وإنسانية، تريد المجتمعات العربية غارقة بالهجرة والشهداء والمغدورين والمعذبين والمعتقلين، تريد الأرض العربية محروقة ويابسة وليس بها حياة. إن المنطقة العربية بسبب إيران والقوى الغاشمة الداعمة لها باتت تتعرض إلى تغيير ديموغرافي مرعب وخطير، لذا علينا وبناءً على المعطيات الآنفة أن نعمل بجد متناه في خلع ناب الأفعى، لتصبح بلا ناب، ولا سم، ولا محاولة هيمنة، ولا مشاريع تمدد، ولا اختراق، ولا خطورة.