محمد حطيني
كان على القيادة الإيرانية بدلاً من الانسحاب من الجلسة الختامية للقمة الإسلامية الثالثة عشرة التي عقدت في مدينة إسطنبول في تركيا خلال الفترة من 13 - 15 أبريل 2016م احتجاجاً على ما تضمنه البيان الختامي للقمة من إدانة تدخلها في الشؤون الداخلية لأكثر من دولة عربية، بما في ذلك سوريا، ولبنان، واليمن، والبحرين والصومال، وإحراق سفارة المملكة العربية السعودية وقنصليتها في مشهد وطهران، ورعاية الإرهاب، إثبات حسن نياتها والقبول بمضامين البيان الختامي للمؤتمر، والاعتراف بجسامة ما ارتكبته من أخطاء في المنطقة العربية، والعمل على انتهاج سياسة جديدة قائمة على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ونبذ أجنداتها الطائفية والمذهبية، ولجم حزب الله وإيقاف مهاتراته وتصريحاته العدائية تجاه أكثر من دولة عربية.
هذا الانسحاب يحمل بين ثناياه وبين سطوره مدلولات عديدة واضحة في أكثر من اتجاه أولها قوة الصفعة التي تلقتها الدولة الإيرانية، وحجم العزلة التي تعاني منها داخل منظمة المؤتمر الإسلامي، والحقد الملازم الذي تحمله هذه الدولة تجاه البعض من الدول العربية لا سيما المملكة العربية السعودية، حبل الأمة المتين، التي تولت قيادة الدفة في الوقوف في وجه إيران وأطماعها وردع أفعالها، وإدانتها بشكل واضح في البيان الختامي للمؤتمر، وهو ما يشير إلى الثقل الذي تحظى به المملكة والاحترام الذي تكنه لها أيضاً الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.
كما يشير هذه الانسحاب ضمنياً إلى محاولة التمرد الإيرانية على الإجماع الذي تحقق في القمة الإسلامية، والوقوف ضد رغبات دول المنظمة كافة، خلال لبنان، في الوحدة والتضامن والعمل يداً بيد في سبيل تجاوز الظروف بالغة الصعوبة التي يمر بها العالم الإسلامي، والعمل على حل المشاكل بين دوله وحماية الأقليات المسلمة في كافة أنحاء العالم، والتأطير لعلاقات إستراتيجية بين الدول الأعضاء في المنظمة على مختلف الصعد والمستويات، بما يعني أن ثمة رغبة إيرانية مستبطنة تعمل على فرض أجندتها على باقي دول المنظمة وتفتيت منظومة العمل الإسلامي من خلال محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
لقد غدا من الواضح أن النظام الإيراني لا يعد إلا كونه كيانًا مغلفًا بغطاء طائفي بغيضة أهدافه يحلم بإعادة حكم الأكاسرة إلى العالم العربي والإسلامي والسيطرة عليه باسم الدين، ولم يعلم هذا النظام أن حكم الأكاسرة قد ولى إلى غير رجعة ولن يعود.
ولذا، ينبغي مساندة الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية التي تعمل دون كلل، وتبذل الغالي والرخيص من أجل الوقوف في وجه إيران وأطماعها، ولجم تحركاتها ووقف تمددها في المنطقة، وردعها ومحاصرتها والضغط عليها، وإن تطلب الأمر تجميد عضويتها في الهيئات والمنظمات الإسلامية حتى تعود إلى تغليب صوت العقل والحكمة، وتغيير سلوكياتها العدائية، وضغائنها تجاه الدول العربية، وعدم التدخل في شؤونها بأية صورة من الصور، وإثبات نواياها في إقامة علاقات حسن جوار معها، وهو ما أكد عليه البيان الختامي للقمة الإسلامية، وإلا فإن عليها أن تتحمل تبعات قراراتها المتهورة، وسياساتها الرعناء التي توجهها ضد أمة وصفها الباري عز وجل بأنها خير أمة أخرجت للناس.
- كاتب وباحث أردني