رمضان جريدي العنزي
ونحن مسجين على فرشنا، ننعم بالدفء والضوء الخافت والحرير، نتعطر، ونقرأ الجريدة والكتاب، ونكتب للغيمة قصيدة، ونتلو للقمر مراسيم الكلام، نردد أنشودة المطر، ونطرب لسرب الحمام، حين يحط وحين يطير الحمام، ونفرح لعصفور حر يراقص ألحان المدى، وننتشي لخدود الورد حين تبتل بقطرات الندى، وقوس قزج تنساب ألوانه بأوردتنا مموايل فرح، تغني للروح، وتغزل سفرا للعيون، نفك ضفائر الهمس، لتعلو النجوم خفق الفؤاد، نسترجع أساطير ألف ليلة وليلة، ووجه شهريار، لكنه الجندي السعودي الأبي لا يمارس ما نمارس ولا ينام، يهدد من يزعج نومنا بالوعيد الشديد، يحمل البندقية، يذود عن حدنا، يخوض معركة فاصلة، الحرب عنده لعبة مسلية، ونزف أحلام، به يكبر حلمنا، ويفوح عطر الياسمين بخندقه، هو الجندي السعودي على الحد الأشم محدق، يسير نحو الرصاص لا ينثني، يصرخ أن البلاد بلادي، في زخرف القول دون تملق، يا وطن العظام، نموت ويحيا صباحك المتورق، هو الجندي السعودي الأبي، يدوس على الخوف، لا يهاب ولا يتقي، هو القعقاع يذبح خيل الأعادي، وينحر نوقه، وينسف أرضه بتمزق، يفرق فلول الحقد دون ترفق، لا يأبه لهم، عينه تهفو إلى الوطن بتعلق، هو الجندي السعودي الأبي مليء بعطر التحدي، أشد عناداً على العدو من العنيد، تشهد له سوح النضال، ومسرى الليل، والوادي، والجبل البعيد، هو الجندي السعودي الأبي يرهب عدو النور، ويبقى شمساً في ديجوره يصيح، أتلفوا العدو، عشق الوطن، تجلى في نواظره، ويؤثره على روحه، نور تجلى في العلياء، منذ وثب، في ساحة الحرب، نحو الحياة، لا يعرف القلق، جعل المنايا صاحبا، وصاح بالموت، إذا ضاقت به الطرق، أرخص نفسه، تزاحمت رؤاه، للعز يستبق، حتى إذا أوغل العدو، تراه فتى صدق، عاهد الله، غدر العدو وما غدرى، ما انثنت عزيمته، ولا وهنت، ولا استكانت رؤيته ولا بئست، آمن بالله، ثم انطلق، صوته يهدر، والميدان مضطرب، والبغاة خرسوا وما صمدوا، غرقوا في يم الجندي السعودي الأبي غرقوا، تفرقوا شعثا غبرا، بعد أن باعوا الضمير، وباسم الدين نهبوا وكذبوا وسرقوا وزوروا، هو الجندي السعودي الأبي، الشمس توارت خلف غيوم بطولته، حياءا وتقديرا وخجلا، هو الجندي السعودي الأبي، يقف ما بين خط النار وخط الريح، وما داعب جفنه الوسنا، يعصر روحه، ويشرب عصيرها شربا، يقول أدعية، والقرآن في يده، والقول الصحيح في الكتاب الأمجد، بطل هو في سوح الوغى، والناس بين مسافر ومهرج ومبل ومهايط وراقص ونائمي، هو الجندي السعودي الأبي، من خير الورى، زهد بدمه الزكي المعطر، وأذاق العدو مرا علقما، هو الجندي السعودي الأبي، ينام الوطن على جروحه، ويتناسى ألمه بعجب، هو الجندي السعودي الأبي على الحد، مثل حمام يحوم، لا يكتسيه الوجوم، ما فرط يوماً في دينه أو عرضه عبر الحقب، يهب على العدو وهب شعواء كله غضب، وأن ثارت بنادقة، غزاء أسماعنا الانتشاء، وهز أعطافنا الأنس والطرب.