د. محمد عبدالله العوين
لماذا تجدد الأيدي الخفية في مجلس الشيوخ الأمريكي إعادة النظر في ملفات أحداث 11-9 - 2001م المأساوية؛ ومن المستفيد من وراء فتح الملفات من جديد والزج باسم المملكة في قضية لم يجد FBI مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي خلال خمسة عشر عاما أي دليل يمكن أن يعتمد عليه لتوجيه أي اتهام للملكة؛ على الرغم من انهماك 4000 من عملاء المكتب وبمساعدة 3000 آخرين من الموظفين ونحو 400 من المباحث الجنائية ومئات من موظفي الشرطة والمحاكم على مختلف الدرجات ؛ بما فيهم القضاة من مختلف الأعراق والديانات!
والمضحك أن محكمة نيويورك أصدرت حكما قبل أقل من شهرين يدين الرئيس الإيراني خامنئي بتورطه في التدبير لأحداث سبتمبر، ثم تم تجاهل تلك الإدانة التي عملت جهات صهيونية وفارسية متأمركة على تجاهلها والقفز على ما أصدرته من اتهام لإيران وحرفه إلى السعودية ؛ دون وجود أي دليل مادي مثبت يمكن أن يعول عليه.
والصفحات الثمان والعشرون التي يزعم أنه تم حجبها لا تحتوي على أي دليل ولا توجه الاتهام مباشرة إلى المملكة ؛ ووجود 15 من السعوديين ضمن المنفذين للعمل الإجرامي لا يمكن أن تحتمل المملكة وزر آثامهم وما ارتكبوه من جرم ؛ إن أولئك الإرهابيين المنحرفين لا يمثلون إلا أنفسهم وانتماءهم الفكري والحزبي، حيث إنهم جميعهم ينتمون إلى فكر «القاعدة» بزعامة رئيس تنظيمه أسامة بن لادن، وقد تبرأت المملكة من ابن لادن ومن فكره وسحبت منه الجنسية السعودية؛ رفضا رسميا لما يؤمن به من فكر وبراءة من جرائمه وما يخطط له، وهو ما يعني أيضا رفضا وتبرءا ممن يتبع فكره أو ينقاد إليه أو ينضوي تحت لوائه، ومنهم المنحرفون الضالون الخمسة عشر.
لقد كان يعتقد أن القضية قد حفظت بعد أن تم توجيه الاتهام الرسمي إلى إيران، ثم بعثت من جديد باتهام جديد لتحقيق مصالح مالية من ورائها كابتزاز مالي مكشوف للسعودية، حيث أعلنت السلطات الأمريكية عن وجود 116مليار و800 مليون دولار كسندات في الخزينة الأمريكية، ويطمح المبتزون إلى أن تتقدم عوائل الضحايا بطلب تعويضات مالية ممن يوجه لهم الاتهام بالضلوع في تدبير أو تنفيذ تلك الأحداث، وبعد تحشيد من لوبيات متعددة، من بينهم صهاينة ويمينيون متطرفون من عرق فارسي أو لهم مرجعية فارسية بمختلف المهن التجارية والإعلامية والعسكرية والقضائية ؛ استطاعوا استصدار مشروع قانون من مجلس الشيوخ الأمريكي تحت اسم «العدالة ضد رعاة الإرهاب» ويسمح القانون إن مرره الكونجرس بمقاضاة حكومات «أجنبية» أيا كانت تلك الحكومات، دون تصريح رسمي باسم دولة معينة ؛ ولكن المملكة تحظى بحصانة دولية، ولا يمكن أن ترفع الحصانة إلا بموافقة الرئيس، أو بإسقاط حقه في استخدام «الفيتو» أي نقض مشروع القانون، ولا يمكن أن يتمكن الكونجرس من تحقيق إسقاط حق الرئيس في استخدام الفيتو إلا بالحصول على أكثر من ثلثي أصوات مجلس الشيوخ ومثلها في مجلس النواب ؛ كي يمكن تخطي «فيتو» الرئيس الأمريكي .
ويبدو أن تحقيق ذلك أمر صعب جدا، مهما بذل المبتزون أو اللوبي المتصهين من جهود خفية أو معلنة لتوجيه الاتهام إلى المملكة ؛ لأن مخاطر حقيقية تنتظر الاقتصاد الأمريكي الذي سيصاب بانهيار تام لو تم سحب الأموال السعودية التي يعتقد أنها تزيد على 600 مليار، وستدخل العلاقات السعودية الأمريكية العريقة إلى نفق مسدود، وستتأزم كثير من قضايا الشرق الأوسط، وستنهار الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب، والمملكة لها الدور الإيجابي الكبير في ذلك.
لكن من هو المدبر والفاعل الحقيقي لجريمة 11 من سبتمبر 2001م ؟! يتبع..