د. محمد عبدالله العوين
علينا أن نتساءل عن «المستفيد» من تلك الأعمال الإجرامية قبل محاولة الوصول إلى المتهم الحقيقي وراء آثام ما جرى في ذلك اليوم المشؤوم الذي تم فيه تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك بطيارتين مختطفتين، واستهداف البنتاجون بطائرة ثالثة أصابت جزءاً منه، والبيت الأبيض بطائرة رابعة فشلت في الوصول إليه وسقطت في إحدى المزارع بسبب العراك الحاد بين الخاطفين والركاب.
ثبت بما لا يدع مجالا للشك وباعتراف أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي مسؤوليته في جرائم 11 سبتمبر؛ باعترافه شخصيا في التسجيلات المتلفزة بالصوت والصورة»وإن كان التسجيل رديئا»ربما سجل خفية من قبل أحد عملاء استخبارات دولية أجنبية؛ لإدانة التنظيم وتحقيق الأهداف المأمولة المنتظرة بعد أن تقع الأحداث.
لن ولم ينف أي أحد إسناد التهمة إلى تنظيم القاعدة؛ لقد كان المنفذون 19 الإرهابيون ينتمون كلهم إلى «القاعدة» بمن فيهم العقل المدبر خالد شيخ محمد المسؤول عن تفجير مركز التجارة العالمي 1993م وبالي 2002م، وهو كويتي من أصول باكستانية، ومحمد عطا أمير الجماعة التي تولت كبر إجرام تلك الأحداث والمنفذ ومحدد الزمان والمكان، وهو مصري الجنسية، واللبناني زياد جراح، وإماراتيان وخمسة عشر سعوديا.
وكون أعضاء التنظيم ينتمون إلى خمسة بلدان لا يعني أبدا وليس من المنطق ولا من العقل اتهام بلدانهم بجريرة ما ارتكبوه؛ مهما تكاثرت نسبة الانتماء إلى بلد من تلك البلدان الخمسة، فأوطانهم التي ينتمون إليها –ومنها السعودية– تبرأت منهم ومن تنظيمهم وطاردتهم وسجنت بعضهم ولاحقتهم قضائيا قبل أن تقع تلك الأحداث المؤلمة.
علينا أن نبحث عمن يسر وسهل وأتاح للقاعدة وعناصرها بطريقة مكشوفة أو سرية التجهيز والتواصل والدعم «اللوجستي» لتنفيذ ما خطط له، ومن هم المستفيدون الحقيقيون من وراء تلك الجرائم، وبتتبع كثير مما تسرب من معلومات وتحقيقات واعترافات وصور تبين ما يلي:
ثبت أن إيران آوت قيادات كبيرة من جماعة الإخوان المسلمين الهاربين من مصر على الأخص، وأغلبهم انضوى تحت لواء تنظيم «القاعدة» ومنهم مثلا سيف العدل وأبو محمد وأبو الخير وهم مصريون وأبو حفص الموريتاني وسليمان أبو غيث الكويتي وخالد العاروري وساري شهاب وهما أردنيان، وغيرهم كثيرون، وقد تم التأكد من أن العناصر المتهمة باختطاف الطائرات قد عبروا من إيران قبل التنفيذ، كما ثبت تقديم أنواع من الدعم لتلك العناصر من قبل «حزب الله» اللبناني.
ولذلك وجهت التهمة إلى «علي خامنئي» مرشد الثورة الإيرانية بضلوعه في تدبير تلك الجرائم، ولا شك أن لإيران مصلحة كبرى لا تخفى على أحد من تأجيج الكراهية ضد العرب والمسلمين؛ وبخاصة السعودية، واستهدافها بالعداء.
إسرائيل لها أهداف واضحة لا يمكن أن ينكرها منكر في خلق حالة من التوتر وعدم الانسجام أو تبادل المصالح بين الغرب والعرب والسعي إلى إضعاف الأوطان العربية بإشعال وقود الحروب فيها بمختلف الأسباب، وقد وجدت في تنظيم «القاعدة» خير من يحقق لها الوصول إلى تلك الأهداف الشريرة؛ فعمل «نتنياهو» رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك وقد كان رئيسا للشين بين وللموساد على تهيئة الأمور عبر الصهيونيين اليهود في أمريكا في مختلف الأجهزة لوصول عناصر تنظيم القاعدة ودخولهم عبر المنافذ الجوية وإحداث فترة موات في الرادارات مع تلغيم المبنيين بالمتفجرات صبيحة وقوع الأحداث.
المستفيدون الحقيقيون من وراء ما حدث هم: إسرائيل والصهيونية واليمين المسيحي المتطرف وإيران وتنظيم «القاعدة» وكلهم يسعون إلى أن تستباح المنطقة العربية، وهذا ما حدث بالفعل؛ فقد دمرت أفغانستان، واحتل العراق، وتم إشعال الحرائق في خمسة أوطان عربية باسم الربيع المزعوم، ولا زال في المسلسل المأساوي بقية.