د.عبدالعزيز العمر
أجرى باحثان تربويان هنديان اختبارًا في الرياضيات لطلاب في وسط العاصمة الهندية، ثم استقلا بعد ذلك سيارتهما، وانطلقا مبتعدَيْن عن العاصمة باتجاه شمال الهند وهما يحملان معهما نسخًا متعددة من الاختبار نفسه، وكانا كلما مرَّا بقرية أجريا الاختبار نفسه على عينة مماثلة من طلاب تلك القرية. استمرا يكرران هذا الأمر في كل قرية يمران بها حتى وصلا إلى أقصى الحدود الهندية. وعندما تأمل الباحثان في الدرجات التي حققها الطلاب في كل المدن والقرى التي مروا بها لاحظا أن درجات الطلاب تأخذ في التناقص كلما ابتعدوا عن العاصمة. وتوصلا إلى نتيجة مفادها أن التعليم كلما ابتعد عن المنطقة الحضرية المركزية تنحدر جودته، وتتردى نوعيته.
وأعتقد أن الصورة لدينا في المملكة مماثلة للصورة التي توصل إليها الباحثان الهنديان. ويفسر الباحثان هذا التناقص في تحصيل الطلاب بسبب أن المدارس البعيدة عن العاصمة تنقصها الكثير من التجهيزات التعليمية، وليست في مرمى مراقبة ومتابعة النظام التعليمي المركزي، ولا تحظى بالدعم الذي تحظى به مدارس الحواضر؛ وبالتالي فإن طلاب الأرياف لا يحصلون غالبًا على تلك الفرص النوعية التي يحصل عليها طلاب المدن. معلوم أن الإبداع والإنجاز الطلابي يمكن أن يظهرا في أي مكان متى ما توافرت للطلاب فرص تعليمية ثمينة، لكن تذكروا أن وليام شوكلي الذي أتى من بيئة فقيرة نائية قد فاز بجائزة نوبل في الفيزياء بسبب قدرته وموهبته الفطرية الفذة التي اخترقت ضعف وتواضع بيئته.