عبدالحفيظ الشمري
قد نتفق، أو نجمع على أن ملفوظ أو عبارة: «موظف سابق» هي أبلغ وأرق في تداولها وتعاطيها بيننا من كلمة «متقاعد».. تلك التي يُنعَت فيها كل من يترك الخدمة.. إلا أن السؤال الذي يطرح ذاته.. هل عجزت اللغة العربية بجمالها وبهائها عن طرق أبواب الفأل واستمزاج تعريف مناسب لنهاية الخدمة الوظيفية، التي يفترض فيها أنها مجرد مرحلة جديدة من العطاء والتميز وتحقيق الطموحات والأحلام؟
فقد نختار مؤقتاً للخارجين من الخدمة بمختلف أعمالهم وإنجازاتهم الوظيفية بأنهم «موظفون سابقون» حتى يقوّض الله لهم وصفاً جديداً؛ به من الرقة والوفاء له ما يحفظ حقوقهم.. فهم ينتظرون العون والمساعدة في شقيها المعنوي والمادي.
أما وإن تركنا النعت أو التوصيف لظروف أفضل، فإن هذا «الموظف السابق» قد يعاني بالفعل من غياب الرؤية والتخطيط لمستقبل ما بقي من أيامه، وهنا لا نلزمه في جل الأحوال كإنسان عادي أن يبرع في توصيف مشروعه، أو مخططه الحياتي، فقد يكون من اختصاص جهات معينة كمؤسسات التقاعد، والتأمينات، والعمل الخيري، والاجتماعي، والجهات الخدمية المؤهلة لقيادة هذا الشعار الإنساني المهم.
أما وأن يترك الموظف السابق بلا تخطيط أو مساعدة وأخذ باليد نحو فرص أفضل للعيش بقية حياته فإنها قد تهاجمه الوساوس، وتقسو عليه الحياة حتى ينصهر مع التجربة الهامشية للحياة الاجتماعية؛ فتتحول الحالة لديه بعد أشهر أو أعوام قليلة إلى مجرد «موظف سابق» تجده يرخي أذنيه للتفاصيل الدقيقة عن هموم التقاعد، وقد تعبث فيه بعض الإشاعات بتعديل راتبه، أو تحسين وضعه، أو تسهيل مهامه، ونحن هنا نشير ونحدد الفئة الكادحة من هؤلاء الموظفين السابقين في هذه المقاربة التأملية لواقع النظام التقاعدي الذي لم يطله حتى الآن أي تطوير، أو تعديل ينصف أهله سوى ما نلمح من تقنين للجانب المالي وحسب.
فالموظف السابق البسيط هو بحاجة إلى الكثير من المواقف الإنسانية الطموحة على نحو التأمين الطبي، والرعاية الصحية لكبار السن، وكذلك هو بحاجة إلى قيام جمعيات للموظفين القدامى؛ تهتم فيه، فمعظم المتقاعدين هذه الأيام هم جيل أسس لمنظومة العمل الإداري، وتحمل المشاق في سبيل بناء هذا المشروع.