سلطان بن محمد المالك
من أكثر الأخبار التي أسعدتني وأسعدت كثيرين غيري هو انتهاء انتخابات غرفة الرياض بفوز بعض المرشحين من القائمة التي تسابقت على الانتخاب. شهر حافل مررنا فيه بكمية من فواصل الإزعاج والإيذاء واقتحام خصوصياتنا، قام بها عدد من المرشحين للانتخابات. ولو قمنا بتقييم ما حصل فسوف نجد أن ثقافة الحملات الانتخابية لدينا ما زالت بعيدة كل البعد عن سلوك المسار الصحيح. ويتضح ذلك جليًّا من خلال إدارة حملات بعض المرشحين.
فإن كان الهدف من تلك الحملات هو إيصال اسم المرشح لأكبر عدد ممكن من الناس فهذا الأمر يبدو قد تحقق بشكل كبير لبعضهم، ولكن بالشكل الخاطئ المسيء لهم، وخصوصًا أن ما قام به بعضهم قد تجاوز كل حدود الأدب واللباقة والذوق العام، واعتدى على خصوصيات الناس من خلال الوصول لهم بشتى الطرق والوسائل، التي منها: اتصالات مباشرة على الهواتف من قِبل مندوبين، الرسائل النصية لهواتف الناس المتنقلة، البريد الإلكتروني، الإعلانات المدفوعة في تويتر، الشبكات الاجتماعية، إعلانات الصحف وإعلانات الطرق، وغيرها الكثير. والمؤسف حقًّا أن يكون إيصال الرسالة بشكل عشوائي لأكبر عدد من الناس؛ فما ذنب والدتي - حفظها الله وأطال لنا بعمرها - أن تصلها رسالة على جوالها، تطلب منها ترشيح فلان، وهي لا تملك سجلاً تجاريًّا، ولم تمارس التجارة في عمرها؟! وغيرها كثير. وما ذنب شخص مسافر ينتظر اتصالات مهمة من عمله ومن أهله ويفاجأ بأن يتصل به شخص لا يعرفه، ويطلب منه ترشيح فلان وفلان؟!
وفي رأيي الشخصي، ومن الناحية التسويقية والاتصالية، فإن هذا النوع من الحملات قد حقق فشلاً ذريعًا، وإساءة لسمعة بعض المرشحين، على الرغم من فوزهم بالطريقة الخاطئة. فبعض الحملات الانتخابية خسرت كثيرًا من المال، وكان بالإمكان الاستفادة منه بطرق أكثر نجاعة. بعكس بعض الحملات الانتخابية الأخرى التي كانت رائعة في تنظيمها ومسارها، ولم تتعرض للناس كافة، واستهدفت الشرائح الحقيقية، وهم الأشخاص الذين يحق لهم التصويت، والذين يملكون سجلات تجارية واشتراكات بالغرفة، واستطاعت أن تعبِّر لهم بسهولة عما تريد، وحصلت على أصواتهم، بل إن بعضهم فاز ولم نعلم نحن غير المعنيين بأمر الانتخابات أنهم مرشحون.
وما حدث من فوضى اتصالية من بعض المرشحين أكد لنا أن أمامنا طريقًا طويلاً للقيام بحملات انتخابية، وأوضحت أن هناك سوقًا واعدًا جدًّا لوكالات العلاقات العامة المتخصصة بأن تدخل بقوة لهذه الصناعة، وأن تبتكر الطرق الجديدة الاحترافية في تنفيذ حملات انتخابية بشكل احترافي دون إيذاء الآخرين. كما أن هذا يدعونا مستقبلاً إلى أن نطالب الجهات المعنية بوضع تنظيمات محددة ودقيقة في إجراءات الانتخابات وحملاتها، وأن يكون من شروطها عدم التواصل إلا مع الأشخاص الذين يحق لهم التصويت، وأي تجاوزات يحق بسببها للمنظمين استبعاد المزعجين الذين - في تصوري - لا يعرفون كيف تمت إدارة حملاتهم الانتخابية.
خلاصة القول، وحسب ما سمعت: إن من يحق لهم الانتخاب هم من يملكون سجلات تجارية واشتراكات بالغرفة، وعددهم 90 ألفًا، ومن قام بالتصويت هم فقط 10 آلاف، وعدد المرشحين 59 مرشحًا، فاز منهم 12 مرشحًا، بينما مَن تم التواصل معهم وإيذاؤهم من بعض المرشحين بالملايين، وهم في الأساس شريحة غير مستهدَفَة، وأُقحمت بالانتخابات بالقوة.